في إطار نشاطاته الأسبوعية، نظم النادي الشعري للجاحظية أوّل أمس أمسية شعرية كان حلقة الوصل فيها الشاعر محمد جعوان، الذي راح ينتقل بين كوكبة من الشعراء المخضرمين والشباب، حيث تفنّن كلّ شاعر بطريقته ولمسته الخاصة في إمتاع الحضور برحيق قصائده الجميلة. ترك الشاعر المخضرم عبد الحفيظ بوخلاط والملقب بأبو النظام بصمته الخاصة في الأمسية الشعرية التي ألقى من خلالها قصيدة غزلية متحديا الجميع باستحالة وجود شاعر لم يتغزل يوما بامرأة، حيث عبّر بصدق لا نظير له عن المكانة الغالية التي تحتلها حبيبته في فؤاده حيث ذوّبه الشوق و الحنين إليها بعد طول غياب، و من جهتها الإعلامية النشيطة و الشاعرة المتألقة ياسمين جنوحات اختارت قصيدة “رحيق” لتمتع بها مسمع الحضور بصوتها الدافئ الحنون، حيث تغنّت بالحب والعشق و هي مشاعر ينبض بها قلب كلّ إنسان، ليقع اختيار الشاعرة خليدة تركية على قصيدة “سال المجرب” و هي قصيدة رائعة في الشعر العامي تنصح فيها من يريد أن ينجح في حياته أن يسأل من لديه تجربة في الحياة و اكتوى بقساوة و غدر الزمان، حيث قالت فلنسأل اليتيم عن حرمانه و معاناته، و الأم عن تضحياتها و سهرها و تعبها، و عن حرقة وعذاب الحبيب بعد فراق حبيبه، و ختمتها على طريقة الراحل كمال مسعودي “في الدنيا توجد حكاية و حكايات” و على كلّ إنسان أخذ العبرة و التعلم من تجارب الآخرين، و قد أضاء الشاعر عبد النور فقيه فضاء الجاحظية بقصيدته النوفمبرية التي تغنى في فحواها بحب الوطن و اعتبر نوفمبر مفخرة جميع الجزائريين، حيث بالأمس طرد مجاهدونا البواسل الاستعمار، لذا حثّ الجميع على الوقوف أمام محكمة الضمير لأنّنا لم نكرم الجزائر بمثل ما كرمتها دماء الشهداء. وقد وقع اختيار كلّ من الشاعر محمد صايفي والشاعرة الواعدة صابرين بن محمد فؤاد في اختيار قصيدة عن الأم، حيث عبّر كل بطريقته عن حبه لها، فمحمد صايفي بقصيدة “يا الغافل” الذي يدعو من خلالها إلى تكريم الأم وإعطائها مكانتها مقابل ما تقدمه من تضحيات، فمهما عددنا فضائلها فلن نوفيها حقها، وقد شاطرته الرأي نفسه شاعرة العروبة صابرين في قصيدة تمدح فيها الأم، وكانت في هذه الأمسية سفيرة مدينة الورود الشاعرة نادية حمزي التي ارتأت أن تشارك بقصيدة “تأنيب الضمير” حيث خاطبت من خلالها الأيام واستوحشت تقلباتها وما تخفيه في ثناياها من وحوش مفترسة وسامة ولا تتقن لغة غير الغدر، حيث لا ينجو من هذه الوحوش وكيدها إلا من اعتصم بحبل الله وكان بارا بوالديه، وفيما يخص الشاعرة سندس فقد شدّت انتباه الحضور من شعراء وعشاق الكلمة حيث أبهرتهم بآخر إنتاج إبداعي لها، حيث نظمت قصيدة ” وينتفض الجرح” منذ ثلاثة أيام فقط كانت مفاجأتها السارة لمتتبعيها من القراء، وهي قصيدة حزينة تحاكي فيها مواجعنا وجرحنا العربي النازف وفؤادنا المخضّب بالدم، فقد ابتلت جفون الشعوب العربية بالماء المالح حسرة على ما يحدث في أقطارها الشاسعة من فلسطين والعراق...إلخ. وكان مسك الختام مع الشاعر محمد قراميت القادم من مدينة مليانة الذي انتفض هو الآخر ضد الوطنية المناسباتية، حيث يتذكرون حب الوطن فقط في الفاتح نوفمبر و الخامس من جويلية، و كانت آخر قصيدة اختتم بها الأمسية الشعرية تحت عنوان “شعراء الأرض” التي كانت لها أثرا عميق في القلوب و سافرت بهم إلى عوالم الإبداع و الجمال.