حذّرت الجزائر من مخاطر استمرار الاضطراب السياسي والأمني في مالي نتيجة فقدان السلطات المركزية السيطرة على عدد من المناطق في الشمال، واعتبرت ذلك تهديدا مباشرا لأمن بلدان المنطقة بالنظر إلى تهيّئ الظروف لتزايد نشاط جماعات الإجرام والإرهاب وتجار السلاح، وعليه فإنها دعت إلى ضرورة تعزيز قدرات دول منطقة الساحل لمواجهة هذه التحدّيات وفق إستراتيجية مشتركة. جاء موقف الجزائر على لسان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، «عبد القادر مساهل»، خلال في تدخله أمام المشاركين في أشغال المنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب المنعقد قبل يومين بمدنية «اسطنبول» التركية، حيث كانت المناسبة فرصة للخوض في الجهود التي تبذلها بلادنا في مجال مكافحة الجماعات الإرهابية والتنسيق الحاصل مع الكثير من البلدان حول هذا الملف الحسّاس. وعلى هذا الأساس فإن «مساهل» قدّم أمام المشاركين في هذا المنتدى وعلى رأسهم كاتبة الدولة الأمريكية للخارجية، «هيلاري كلينتون»، معطيات ذات الصلة ب «الجهود المعتبرة» التي تبذلها الجزائر من أجل «تجنيد بلدان المنطقة حول إرادة سياسية مشتركة وآليات التعاون السياسي والأمني والتنموي من اجل مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان والفقر»، مضيفا أن «تلك الجهود المشتركة والمهيكلة حول إستراتيجية إقليمية مشتركة قد بدأت تعطي نتائج جدّ مشجعة إعاقتها لسوء الحظ الأحداث الأخيرة التي جرت في مالي». ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن الوزير تأكيده أن الهدف الأساسي من إعادة الاستقرار إلى مالي وفق تصوّر الجزائر مبني على ستة إجراءات وأولويات وصفها ب «العاجلة» حصرها في ضرورة «استكمال مسار العودة إلى النظام الدستوري» مع «تعزيز مؤسّسات قوية وتوافقية وذات مشروعية» و«ممارسة الدولة المالية لصلاحياتها على كامل ترابها» وكذا «التكفل بالجانب الإنساني» إضافة إلى «المحافظة على السلامة الترابية وسيادة مالي» و«إيجاد حل سياسي من خلال الحوار بين الحكومة ومتمردي الشمال يأخذ بعين الاعتبار المطالب المشروعة لسكانها» ناهيك عن «مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة». إلى جانب ذلك شدّد المتحدّث على أهمية «تعزيز قدرات بلدان الساحل في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، داعيا بالمناسبة إلى بلورة «أدوات ملموسة» من أجل تعزيز قدرات بلدان المنطقة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان، وتابع كلامه: «إننا على علم أنه بإمكان بلدان الساحل الاعتماد على تعاون وشراكة بناءة مع المجتمع الدولي»، لافتا إلى أنه «لمسنا تلك الإرادة بوضوح والمتمثلة في مرافقة بلدان المنطقة خلال ندوة الجزائر التي جرت في سبتمبر 2011 حول الشراكة والأمن والتنمية في الساحل التي أرست أسس الشراكة وحدّدتها مع هيكلتها في مسعى الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان والفقر». وفي سياق حديثه عن دور مجموعة العمل حول الساحل التي تشترك في رئاستها كل من الجزائر وكندا، اعتبر «عبد القادر مساهل» أن إنشاءها «قد أظهر مدى أهميتها خاصة بالنظر إلى الأحداث الجارية في تلك المنطقة وبشكل خاص الوضع السائد في مالي المتميز بالاضطراب السياسي وعدم الاستقرار وتراجع المكتسبات الديمقراطية وتهديد السلامة الترابية للبلد وفقدان سيطرة الدولة على جزء من ترابها ونتائجها المباشرة على زيادة نشاط المجموعات الإرهابية والجريمة المنظمة العابرة للأوطان». وبعد تأكيده أن بلدان الميدان قد أجرت في إطار ندوة «اسطنبول» محادثات بشكل جماعي محادثات وصفها بأنها «جد بناءة ومفيدة مع بعض شركائنا»، أشار إلى ارتياح الجزائر لاشتراكها مع الولاياتالمتحدة في تنظيم الاجتماع المخصص لإشكالية دفع الفديات للجماعات الإرهابية مقابل تحرير الرهائن الذي تم في الجزائر يومي 18 و19 من شهر أفريل 2012. وقد انتهى أفضى الاجتماع الوزاري للمنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب إلى إرادة مشتركة في إضفاء «حيوية مستمرة» على هذا المسار الذي يعتبر «مواتيا ومناسبا في مجال محاربة الإرهاب»، وقد أوضح «مساهل» المنتدى بأنه «يؤكد إرادتنا المشتركة في إعطائه حيوية مستمرة»، ثم خلص إلى القول: «سيتم القيام بالكثير من الأمور حاليا من أجل محاولة تنسيق وجهات نظر كل بلدان المنتدى بهدف العمل على تصور مكافحة الإرهاب كظاهرة مع بعدها المتمثل في محاربة تمويل الإرهاب و تأهيل التشريعات الوطنية و قدرات البلدان المعنية لمواجهة هذه الظاهرة». زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print