تراجعت الحركة الوطنية لتحرير الأزواد عن مطالبها الانفصالية بتأكيد استعدادها للحوار مع السلطات في مالي مع قبولها غير المشروط بالوحدة الترابية لمالي، وقال التنظيم الذي أعلن قبل أكثر من عام استقلال مناطق في الشمال إنه على استعداد كامل من أجل “مكافحة الإرهاب” في المناطق التي تدور فيها الحرب منذ جانفي من هذا العام. في تطوّر مفاجئ لموقف “طوارق” مالي خلال الساعات الأخيرة، أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تعتبر واحدة من أكبر الحركات في مالي والمسيطرة على منطقتي “كيدال” و”مينكا”، استعدادها الرسمي للدخول في مفاوضات مع مالي، بل إنها شدّدت على ضرورة التعجيل بفتح أبواب الحوار، بالإضافة إلى تأكيد حرصها على “احترام وحدة مالي الترابية”. ويجري الحديث عن نجاح الجزائر في إقناع “طوارق” مالي بتغيير موقفهم حيال مطلب الانفصال، حيث أفاد مصدر دبلوماسي بأن تحرّكات الدبلوماسية الجزائرية ساهمت يشكل لافت في تغيّر موقف حركة تحرير الأزواد التي تنقلت وجوه قيادية بها عدة مرات إلى بلادنا ووقعت اتفاقية سلام مع الحكومة المالية رفقة “حركة أنصار الدين” التي تراجعت عن موقفها فيما بعد. ونقلت تقارير أمس بيانا منسوبا إلى الحركة حمل توقيع أمينها العام “بلال أغ شريف”، جدّد فيه هذا التنظيم التزامه ب “حماية الشعب الأزاودي بجميع أطيافه” وكذلك جاهزيته “لدعم أي تحقيق دولي محايد في الجرائم التي تم ارتكابها في أزواد” بما فيها قضية “أجلهوك” في يناير 2012. مثلما أعلنت الحركة الأزوادية “التزامها المبرهن” ب “مكافحة الإرهاب”، حيث تحدّثت عن مواجهات بينها وبين الحركات الإرهابية خصوصا كتيبة “الموقعون بالدماء” في منطقة “أنفيف” يومي 30 و31 مارس 2013، وذكرت في البيان أنها قضت على 17 إرهابيا خلال هذه المواجهات. وجدّدت الحركة المتشكلة من طوارق أزواد مطالبتها بإطلاق سراح من وصفتهم “بالمعتقلين السياسيين المحتجزين في العاصمة المالية باماكو”، مضيفة أن ذلك يشكل “مخالفة للقوانين الدولية”، ومؤكدة اعتقال أحد قادتها ويسمى “عبد الكريم أغ متافا، والذي تم توقيفه من قبل ميليشيات خائنة من الجيش المالي، في الوقت الذي كان في طريقه للقاء ضابط من القوات الفرنسية” حسب نص البيان. إلى ذلك دعت حركة تحرير الأزواد “جميع الدول الملتزمة بدعم السلام” إلى حمل باماكو على “الصواب”، وأشارت في الوقت نفسه إلى أنها “لن تتنازل عن حقها” في ما وصفته “بالدفاع الشرعي”، وأضافت بأنها “لن تشن أي عمليات عسكرية، لكنها ستدافع عن نفسها عندما تهاجَم”. كما كشفت عن تحقّقها من استمرار الجيش المالي في حربه ضد الشعب الأزوادي بدلا من مكافحة الإرهاب، وقد اعتبرت أن ذلك يعكس نيته شنّ ضربات على مواقع تسيطر عليها الحركة خاصة في “أنفيف” و”تن فادماتا”. وفي موضوع متصل تحدّثت مصادر موريتانية عن “فشل” مجموعات الأزواديين الموجودة في نواكشوط في التوصل إلى اتفاق بشأن وفد يمثلهم في لقاء مع وزير الخارجية الفرنسي “لوران فابيوس” أثناء تواجده الأسبوع الماضي في نواكشوط. وتستضيف موريتانيا عشرات الآلاف من اللاجئين الأزواديين عربا و”طوارق”، كما استضافت العاصمة الموريتانية العديد من قادة الحركات الأزوادية المناوئة لحكومة باماكو سواء كانت طارقية على غرار الحركة الوطنية لتحرير أزواد، أو عربية مثل الحركة العربية الأزوادية. في غضون ذلك يجتمع البرلمان الفرنسي اليوم من أجل إصدار قرار بشأن تمديد العملية العسكرية الفرنسية في مالي التي يجري تخفيض عددها تدريجيا بعد أربعة أشهر من بدء المعارك ضد الجماعات المسلحة التي كانت تحتل شمال هذا البلد. ويبلغ عدد الجنود الفرنسيين المنتشرين في مالي حوالي 4 آلاف عنصر، لكن انسحابهم بدأ في منتصف أفريل الجاري مع عودة 100 عنصر منهم إلى فرنسا التي سحبت 5 طائرات مطاردة من نوع “رافال” و”ميراج 2000 دي”. وقال الرئيس فرنسوا هولاند بأن “الانسحاب سيكون “تدريجيا وتبعا لتطور الوضع”.