لا تزال الكارثة في البحر الأبيض المتوسط متواصلة، إذ لم يكتف البحر من ابتلاع مئات الأشخاص الهاربين نحو فسحة أمل في شمال الكرة الأرضية، فيستمر في قبول ضحايا فضلوا المخاطرة على البقاء حيث الحروب ومظاهر الاستبداد والفقر واللاأمان. واقع مآساوي جعل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أمس، في حالة استنفار شديد لوقف غرق المهاجرين في البحر المتوسط من خلال زيادة عمليات الإنقاذ وإلقاء القبض على المهربين، حيث أصبح البحر هو يخطف الضحايا من الناس بالمئات. لعل مأساة مقتل 700 شخص قبالة ساحل ليبيا، أول أمس، قد تكررت أمس مع 300 مهاجر آخر. وفي حدث مأساوي ثاني خلال أربع وعشرين ساعة، أعلنت المنظمة الدولية للهجرات، أمس، أن سفينة تقل أكثر من 300 شخص تغرق حالياً في البحر المتوسط، موضحة أنها تلقت طلبا للمساعدة من قبل شخص على متن المركب. وقالت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً، لوسائل الإعلام، إن مكتبها في روما "تلقى طلب مساعدة من مركب في المياه الدولية.. الشخص الذي اتصل قال إن هناك أكثر من 300 شخص على المركب الذي يستقله والذي يغرق حالياً". وأضافت أن "هناك ثلاث سفن جنباً إلى جنب في المتوسط"، مشيرة إلى أنها لا تعرف في أي مياه دولة يمكن رصد هذه السفن. واتصلت المنظمة بخفر السواحل. لكنها قالت إنهم لا يملكون "الوسائل للإنقاذ حالياً" بسبب النقص الذي يواجهونه على إثر غرق سفينة الأحد قبالة سواحل ليبيا. وتابعت أن خفر السواحل "سيحاولون على الارجح اعادة توجيه سفن" إلى مكان غرق السفينة، موضحة أنها عملية ليست سهلة لأن "بعض السفن التجارية لا تريد التعاون". وبعدما أحجم كثير من الحكومات الأوروبية عن تمويل عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط خوفاً من أن يشجع ذلك المزيد من الناس على محاولة عبور البحر بحثاً عن حياة أفضل في أوروب، باتت هذه الدول تواجه موجة غضب بسبب موت اللاجئين. إذ يقول وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، للصحافيين لدى وصوله لوكسمبورغ للاجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي، ان "سمعة الاتحاد الأوروبي على المحك هنا." ويضيف أنه "لا يمكن أن يكون لدينا مشكلة أوروبية وحل إيطالي." وأمس، وقف وزراء الخارجية الأوروبيون دقيقة حداداً في مستهل اجتماعهم، قبل أن ينضم اليهم وزراء داخلية الاتحاد في وقت لاحق لمناقشة طارئة لأزمة المهاجرين. وتركت دول شمال الاتحاد الأوروبي عمليات الإنقاذ بشكل كبير إلى دول جنوبية مثل إيطاليا، حيث أفادت المفوضية الأوروبية بأنه في الأسبوع الذي سبق المأساة، أنقذ خفر السواحل الإيطالي ثمانية آلاف مهاجر من عرض البحر المتوسط. ووفقاً للأمم المتحدة فقد لقي 3500 شخص على الأقل (كثير منهم كان يهرب من الفقر والصراعات في أفريقيا) في محاولة عبور البحر المتوسط للوصول لأوروبا. وقالت وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني (وهي إيطالية) إنها تسعى لخلق "إحساس مشترك بالمسؤولية" للتصدي للأزمة وإن قادة الاتحاد الأوروبي يدرسون عقد قمة طارئة في بروكسل هذا الأسبوع، مشيرة قبل الاجتماع، إلى أن واجب الاتحاد الأوروبي الأخلاقي هو "أن تنصب مسؤوليتنا كأوروبيين على منع حدوث مثل هذه المآسي مراراً وتكراراً." وتابعت قولها "ينبغي أن نخلق إحساساً مشتركاً بالمسؤولية الأوروبية.. مع العلم بأنه لا يوجد حل سهل .. لا يوجد حل سحري." لكن وزيرة الخارجية الأوروبية شددت على أن "لا مزيد من الأعذار" لدول الاتحاد لعدم التحرك بعد كارثة غرق مركب المهاجرين الأخيرة في البحر المتوسط وطالبت بخطوات "فورية". وأضافت: "نحن بحاجة لتحرك فوري من قبل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء". ورأت أنه مثلما أثارت الهجمات الإسلامية في باريس في كانون الثاني الماضي رداً مشتركاً، فان هذا الحادث يجب أن يولّد الزخم لإيجاد سياسة مشتركة للهجرة.وتتطرق موغيريني بذلك إلى مسألة حساسة، إذ أنها كانت وزيرة خارجية ايطاليا التي تواجه تدفق المهاجرين غير الشرعيين.