انتهت الحملة الانتخابية بسلام، فرغم الشكاوى والاحتجاجات التي تقدّم بها بعض المرشحين فإن الحملة كانت في مجملها نظيفة، وقد حظيت التجمعات التي نظمها المرشحون الستة باهتمام كبير من المواطنين، حيث حضر الآلاف إلى مواقع التجمعات التي غطت كل أنحاء الوطن، ومع مرور الأيام كانت الحملة تتجه نحو مزيد من الإثارة. لم يُفلح دعاة المقاطعة في عزل المرشحين عن المواطنين، وكل ما قيل عن برودة الانتخابات ورتابتها تَبيّن أنه مجرد تكهنات وأحكام جزافية ليس لها ما يسندها على أرض الواقع، وقد أكدت المشاركة الكبيرة للمهاجرين في عملية التصويت أن الشعب الجزائري ليس خاضعا لوصاية أحد، وأن موقفه سيُعرف في ساعة الحسم وقد يفاجئ كثيرا من أولئك الذين يدّعون أنهم يعرفون توجهات الرأي العام في هذه البلاد. بعد ثمان وأربعين ساعة من الآن سيتوجّه الجزائريون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم، ولا بد أن نسجل هنا أن هذا في حد ذاته مكسب مهم جدا، فتجديد مؤسسات الدولة، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، عبر الطرق التي يحددها الدستور، وفي الوقت المناسب، يمثّل علامة استقرار سياسي، ولا أحد ينكر اليوم أن الجزائر تجاوزت مرحلة الخوف التي كانت تصاحب كل انتخابات وعلى أي مستوى كان، وقد تبيّن في هذه الانتخابات بالذات أن هامش الحركة متسع أمام الجميع، وبإمكان كل تيار أن يعبر عن نفسه ومواقفه بكل حرية، وقد سمعنا دعوات للمقاطعة وشاهدنا مسيرات في هذا الاتجاه مثلما تابعنا زخم الحملة الانتخابية التي نشطها المرشحون بكل حماس. النتائج التي ستنتهي إليها الانتخابات تعود في جزء منها إلى ما بذله المرشحون من جهود أثناء الأسابيع الثلاثة الماضية، وسيكون قرار الجزائريين هو الفاصل في نهاية الأمر، والمؤكد أن الطريقة التي سارت بها الحملة أسقطت كثيرا من التكهنات، وبقي قليل سيتعرض للامتحان يوم الخميس القادم، والأرجح أن الجزائريين عازمون على إحداث المفاجأة.