تطوير التعليم والتعلم هو الهدف الرسمي لنظامنا التربوي، ولذا نجد أن الإصلاح الملاحظ يعتمد على تبني استراتيجيات تربوية فعّالة، من بينها بيداغوجيا المشروع التي تستجيب للتوجهات الجديدة ومقاربة الكفاءات، وبيداغوجيا المشروع تعد إجراء «une démarche»يضع مجموعة من المتعلمين أمام وضعية تعلمية ذات دلالة تسمح بالتعبير عن دوافعهم، حاجاتهم، تساؤلاتهم وطموحاتهم، كما تجعلهم فاعلين يبنون معارفهم ويحسنون توظيفها عند الحاجة، والوضعية التعلمية قد تكون حقيقية أو شبه حقيقية، تسعى لتطوير وتنمية مجموعة من الكفاءات. مميزات بيداغوجيا المشروع بما أن النشاط التربوي ضمن بيداغوجيا المشروع لا ينفك نشاطا جماعيا، أي أنه يرتبط بالفرد في إطار دوره التكامل مع زملائه، فإن البيداغوجيا التي تنظّم نشاطاته تحت هذا الغطاء تتميز عن غيرها من البيداغوجيات بناء على هذا لمعطى، وعليه تكون مميزاتها كما يلي: - تجعل من الحياة المدرسية جزءا من الحياة الاجتماعية، حيث تنمي روح التعاون والإخاء بين المتعلمين. -يتوصّل المتعلمون إلى الخبرات والمعارف بمجهودهم الذاتي والتفكير المنظم، كما تحثهم هذه الطريقة على الابتكار وحسن مواجهة المشكلات. -ربط المواد الدراسية بعضها ببعض وجعلها تدور حول موضوع واحد. -ما المربي في هذه البيداغوجيا إلا مُرشد ومحفز للتعلمات المستهدفة، فهو دليل «guide» لأن واجبه إرشاد المتعلمين إلى الطريقة التي تساعدهم على بناء معارفهم وإلى المسلك الواجب اتباعه للوصول، وهو وسيط «Mediateur» عند ما يسعى لإيجاد العوامل «supports» الديداكتيكية التي تعينهم على الارتقاء إلى محاولة تجميع كل الأدوات والوسائل الديداكتيكية التي تجعل متعلّميه يحققون إنجازات ويبذلون مجهودات، وهو محفز «Motivateur» عندما يطور دافعيتهم ويجعل طاقاتهم تظهر وتتحرر للاستمرار والمواظبة والاستثمار في إنجاز المشروع. - هناك مبدآن أساسيان يعدان مفتاح هذه البيداغوجيا ونجاحها وهما الاستقلالية التي ترتبط بالاختيار، الفاعلية، والمسؤولية التي ترتبط باتخاذ القرار والتنفيذ. - حسن تسيير القسم يرتبط بتوفير جوّ تربوي قوامه قواعد تحترم من طرف الجميع من أجل تدريبهم على الانضباط الذاتي «l auto- discipline» من جهة، وضمان مشاركتهم ومساهماتهم في كل مراحل المشروع من جهة أخرى، من أجل تنمية مهارات العمل الجماعي واستعدادات تعاونية، اتخاذ القرارات، حل المشكلات، احترام الغير. - تنفيذ هذه البيداغوجيا يتطلب التفكير في الهيكلة الزمنية والمكانية، حيث يخطط المعلم للفترات أو المقاطع التي سيكون النشاط فيها جماعيا، والفترات التي يكون العمل فيها فرديا -بناء المعارف- والفترات التي يقوم فيها العمل على تشكيل أفواج وحسن تكوين وتسيير هذه الأفواج. تعريف المشروع يرى «كلباترك» أن المشروع هو الفعالية القصدية التي تُجرى في محيط اجتماعي، ويصنف المشاريع إلى: 1- مشاريع بنائية 2- مشاريع اجتماعية 3- مشاريع لحل المشاكل 4- مشاريع لتعلّم بعض المهارات أو لغرض الحصول على بعض المعرفة. أما الأنواع التي اقترحها فهي مشاريع فردية وأخرى جماعية. صورة المشروع تحدد صورة المشروع عادة في الخطوات الآتية: - اختيار المشروع وتحديد أهدافه، حيث لا بد للمشروع من أن يكون: أ- متوافقا مع ميول المتعلمين ورغباتهم. ب- خصبا يثير أنشطة متعددة ومجالات عمل متنوعة . ج- قابلا للتنفيذ. د- ذو ارتباط بالموضوعات المقررة ومع بقية المواد التعليمية الأخرى. تخطيط المشروع وتنظيمه تشمل مرحلة تخطيط المشروع وتنظيمه على هذه العناصر: -تحديد الأهداف. - تحديد مراحل الإنجاز. - تحديد وسائل التنفيذ. - تفويج المتعلمين. - تحديد أنواع الأنشطة والمهام. - تحديد تكاليف المشروع ومصادر التمويل. -تحديد المدة الزمنية للتنفيذ. ويتم تنفيذ المشروع وفق ما اتفق عليه في المرحلتين السابقتين. تقييم المشروع يتم تقييم المشروع في هذه المرحلة من خلال: - تحديد الكفاءات التي تم اكتسابها من خلال المشروع. - تحديد الكفاءات التي لم يتم اكتسابها. - وضع الخطط لاكتسابها بتشخيص العراقيل والثغرات أولا . دينامية الأفواج لا بد للمعلم أن يتحكم في فنيات التعامل مع الأفواج من حيث التنشيط والتسيير والنتائج المحصل عليها، خاصة وأن العمل في أفواج أضحى ضرورة أملتها الحياة العصرية بسبب المشكلات المعقدة. مفهوم الفوج «Le concept de groupe» لا يعني الفوج تجميع عدد من الأفراد، بل ضرورة توفّر جملة من المميزات ليصبح فوجا، ومن هذه المميزات وجود هدف مشترك، الإحساس بالانتماء، الولاء، التعاون، والفوج شخصية معنوية لها غاية وتواجد ودينامية، حيث تختلف هذه الشخصية عن مجموع أفرادها، لكنها مفيدة بالعلاقة التي تربطهم. تصنيفات الأفواج -1حسب عدد أعضائها: أ- أفواج صغيرة «micro- groupe» ب- أفواج كبيرة «macro- groupe» -2حسب أهدافها: أ- أفواج لمهمة؛ لإنجاز عمل محدد بذاته. ب- أفواج تكوين؛ لتحقيق كفاءة بذاتها. ج- أفواج مختلطة؛ لتحقيق عمل وغرس كفاءة. العوامل المؤثرة في تشكيل فوج هناك عاملان أساسيان يؤثران في تشكيل الفوج، وهما: - ظروف تشكل الفوج. -العلاقات التي تنتج بين أفراد الفوج. طبيعة العلاقات بين أفراد الفوج - قد تكون العلاقات استبدادية وبالتالي فإن شبكة التواصل بين أفراد الفوج تحطم طموحاته وتحول دون الوصول إلى أهدافه، نظرا لسدّ الطريق أمام المهارات. - قد يكون المنطلق هو التسيير الذاتي، أي إعطاء المسؤولية الكاملة لأعضاء الفوج، وهذا يؤدي إلى بناء شبكة إيجابية للتواصل وإقامة العلاقات، وبالتالي بلوغ الأهداف المسطرة، وذلك أن الفوج يمتلك في ذاته الموارد الأساسية.