قال بعض أهل العلم والدعوة إنه إذا أنعم الله على عبده فلم يُر العبد أثرهذه النعمة عليه فإنه يذم إن كان ذلك بخلا وشحاً على نفسه أو كتمانا لنعمة الله، أما إن وقع منه ذلك على سبيل التواضع والزهد في الدنيا والتقلل منها والتفرغ للآخرة والبعد عن الترف والتنعم، فإن هذا يمدح ولا يذم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ل«معاذ» لما بعث به إلى اليمن "إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين"، رواه «أحمد» وحسنه «الألباني»، وذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا، فقال "ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان"، رواه «أبو داود» و«ابن ماجه» و«أحمد»، وقال «الخطابي» "البذاذة سوء الهيئة والتجوز في الثياب"، وقال «ابن حجر» "البذاذة رثاثة الهيئة"، وفي «الترمذي» عن النبي صلى الله عليه وسلم "من ترك اللباس تواضعاً لله عز وجل وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها"، ويذم من ترك اللباس مع قدرته عليه بخلاً على نفسه أو كتماناً لنعمة الله عز وجل، وفي هذا جاء الحديث "إن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى أثر نعمته على عبده"، ومن العلماء من جعل التواضع في اللباس مطلوباً في وقت الشدة والحاجة، حتى لا تنكسر قلوب الفقراء أو في بعض الأوقات دون بعض، حتى لا تكون العادة هي التكلف في الثياب ونحوها، وقيل إنما حث على البذاذة لئلا يعدل عنها عند الحاجة ولا يتكلف للثياب المتكلفة كما هو مشاهد في عادة الناس، وسئل بعض أهل العلم عن هذا فقال "أثر النعمة حسب النعمة، فنعمة المال أثرها أن يكثر الإنسان من التصدق ومن نفع الخلق، وكذلك أن يلبس ما يليق به من الثياب، حتى أن بعض العلماء قال؛ إن الرجل الغني إذا لبس لباس الفقراء فإنه يعدّ من لباس الشهرة، ولكن قد تدعو الحاجة أو قد تكون المصلحة في أن يلبس الإنسان لباس الفقراء، إذا كان يعيش في وسط فقير وأحب أن يلبس مثلهم، لئلا تنكسر قلوبهم، فإنه في هذه الحال قد يثاب على هذه النية ويعطى الأجر على حسب ذلك".