تواصلت ردود الفعل الأوروبية والعالمية المعبرة عن "القلق" و"الصدمة" لنتائج التصويت في سويسرا والمؤيدة لحظر بناء مآذن جديدة في البلاد، وأكدت كلها تقريباً على أن القرار يشكل ضربة لحرية الأديان والتسامح، فيما أشار البعض إلى ضرورة عدم الاستفتاء حول الحريات الدينية. الرياض الفاتيكان، وفي أول رد فعل له على نتيجة الاستفتاء بحظر بناء المساجد، اعتبر أن هذا الحظر يبعث على القلق، وقال رئيس المجلس البابوي للمهاجرين، «المونسنيور انتونيو ماريا فيليو»، إنه متفق مع الخط الذي تبناه الأساقفة السويسريون الذين أعربوا عن قلقهم العميق لما وصفوه بأنه ضربة قاسية للحرية الدينية وللاندماج بشكل عام، وأكد مجددا: "نحن المسيحيون لا يمكن أن نقبل منطق الاستبعاد، إذا كان أحد يريد أن يكون كاثوليكيا فيجب أن يكون منفتحاً على الآخرين"، كان الأمين العام لمجلس الأساقفة السويسريين، «المونسنيور فيليكس غمور»، عبر في مقابلة إذاعية عن استياء الأساقفة السويسريين لموضوع حظر بناء المآذن في سويسرا، وربط «غمور» بين هذا القرار والحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية حول منع وضع الصلبان في إيطاليا "كلا الموقفين يقومان على أساس الاعتقاد الخاطئ بأن الدين ينبغي أن يكون مجرد مسألة خاصة، وبالنسبة للمسيحي فهذا غير ممكن. علينا أن نفتح نقاشاً واضحاً، لأن المجتمع مضطرب، وهناك تناقض في كافة المجتمعات الأوروبية." وفي إيطاليا، وصف وزير الخارجية الإيطالي، «فرانكو فراتّيني»، الاثنين قرار سويسرا حول حظر المآذن بأنه "مثير للقلق"، وقال "نحن ندافع عن حقنا كإيطاليين بوضع الصلبان في الصفوف المدرسية، لذلك ننظر بعين القلق إلى رسائل من هذا النوع تؤكد على الاختلاف أو تدعو إلى الحظر حيال الأديان الأخرى، كالدين الإسلامي."، وأضاف «فراتّيني» "أعتقد أنه ينبغي ببساطة العودة إلى تأكيد ما تقدمت به إيطاليا في الاجتماع الأخير لمجلس أوروبا: الحرية لجميع الأديان .. بالطبع، نحن على قناعة تامة بأن قرار رفع الصلبان من المدارس كان خطأ فادحا.. غير أن منع إنشاء المآذن يمثل بصراحة، رسالة تبدو سلبية جداً للمسلمين، لذا فإنه أمر يبعث على القلق كثيرا"، وفي ألمانيا، وصف مسؤول في حزب المستشارة «أنغيلا ميركل» نتيجة الاستفتاء السويسري بأنه مؤشر لاتساع نطاق الخوف من أسلمت المجتمع، فيما أعربت أحزاب المعارضة عن صدمتها من نتائجه وأكدت أن الحرية الدينية لا ينبغي أن تخضع لاستفتاء، وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية، «كريستوف شتيجمانس»، "لا يمكننا بالتأكيد إعطاء سويسرا نصائح من هنا"، مؤكداً أن "الحكومة الاتحادية الألمانية على ثقة بأن حرية الأديان ذات قيمة عالية في سويسرا كما هو الحال في ألمانيا"، من جهته، أوضح متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية أن حرية الأديان في ألمانيا تشمل أيضا حق بناء المساجد وهو أمر أقره مؤتمر الإسلام في مارس الماضي دون التطرق إلى مسألة المآذن بشكل خاص، ففيما قال رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني، «فولفغانغ بوسباخ»، إنه من الضروري أخذ القرار السويسري مأخذ الجد، مشيراً إلى اتساع نطاق الخوف من "أسلمت المجتمع" والتي وصلت في رأيه إلى ألمانيا أيضاً، عبرت أحزاب المعارضة الألمانية عن شعورها بالصدمة إزاء نتائج الاستفتاء السويسري، وقالت السياسية في حزب الخضر الألماني، «كاترين جورينج-ايكارت»، التي عبرت عن صدمتها للنتائج الاستفتاء إنه "يجب ألا تخضع الحرية الدينية لاستفتاء"، مضيفة في هذا السياق: "قيل أن الأمر يتعلق بالمآذن فحسب ولكنه يتعلق في الحقيقة بحرية الأديان."، انتقدت «كاترين» بشدة اللوحات الدعائية التي كانت تحث المواطنين على المشاركة في الاستفتاء والتي ظهر فيها علم سويسرا وفوقه مآذن سوداء وامرأة منقبة ووصفته ب"العنصري." من جانبه، وجه الاتحاد الأوروبي انتقادات شديدة لنتيجة الاستفتاء السويسري، فقد قالت وزيرة العدل السويدية «بياتريس أسك»، التي تترأس بلادها الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، الاثنين في بروكسل على هامش اجتماع وزراء عدل وداخلية دول الاتحاد الأوروبي: "أؤمن بالحرية ولا أعتقد أن بوسعنا بناء أوروبا جديدة دون حق حرية التعبير"، وفي فرنسا، صرح وزير الخارجية الفرنسي، «برنار كوشنير»، أنه صدم قليلاً بتصويت السويسريين لصالح حظر المآذن، معتبرا أن هذا الأمر يعبر عن عدم التسامح، قائلاً في تصريح لإذاعة " آر تي إل" إنه "إذا كنا لا نريد بناء مآذن فهذا يعني أننا نقمع ديانة"، وفي سويسرا، قالت «ايفيلين فيدمر شلمبف»، وزيرة العدل السويسرية، إن نتيجة الاستفتاء تعكس الخوف من الأصولية الإسلامية لكن الحظر ليس وسيلة مجدية للتصدي للميول المتطرفة"، أما الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل «الدين إحسان أوغلو»، فقد قال إن تأييد منع بناء المآذن في سويسرا يمثل نموذجاً جديداً من العداء للمسلمين في أوروبا، ودعا «أوغلو» المسلمين إلى التعبير عن رفض التدبير بالوسائل السلمية، مضيفاً أن الموافقة على المبادرة في الاستفتاء يشكل تطوراً مؤسفاً من شأنه تشويه صورة سويسرا كدولة تحترم التنوع وحرية المعتقد وحقوق الإنسان". وفي مصر، اعتبر مفتي الديار المصرية على جمعة نتيجة هذا الاستفتاء بالإهانة التي طالت كل المسلمين في العالم بصرف النظر عن المسلمين في سويسرا، متابعا أن ما حدث هو أكبر من "إساءة طفيفة للحرية الدينية."