اعتبر وزير الداخلية والجماعات المحلية «نور الدين يزيد زرهوني»، أمس أن، الإجراءات التي اتخذتها البلدان الأوروبية في إطار مجموعة (5+5) لتسهيل حصول مواطني دول الضفة الجنوبية للمتوسط على التأشيرات "غير كاف" بالنظر إلى الالتزامات التي قطعها هؤلاء الشركاء من أجل الوصول إلى فضاء للرفاهية، يضمن حرية مطلقة لتنقل الأشخاص، وقال إن الجزائر تتطلّع إلى إقرار مزيد من التسهيلات وعدم التعامل بانتقائية مع ظاهرة الهجرة. اعترف «زرهوني» بوجود خلافات داخل مجموعة (5+5)، وتحديدا بين الضفتين الشمالية (إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، البرتغال ومالطا) وكذا الجنوبية التي تضمّ بلدان اتحاد المغرب العربي، مشيرا إلى أن مكمن الخلاف ظهر بوضوح خلال الاجتماع الأخير لوزراء داخلية المجموعة الذي نعقد بمدينة «فنيس» بإيطاليا، وتحدّث هنا عن ثلاث نقاط خلافية حصرها في مسألة التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين وكذا تنظيم تنقل اليد العاملة بين الضفتين بالإضافة إلى نقطة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتيها ويتعلّق الأمر بكيفية تنظيم حرية تنقل الأشخاص خصوصا الراغبين في التوجّه إلى أوروبا. وقد خصّص وزير الداخلية والجماعات المحلية الذي كان يتحدّث أمس على أمواج القناة الثالثة للإذاعة الوطنية، حيّزا هاما لإبراز موقف الجزائر من ظاهرة الهجرة، حيث أورد في هذا السياق بأن بلادنا تتحمّل كامل مسؤولياتها فيما يتصل بالتكفل برعاياها بما في ذلك الهجرة غير الشرعية، لكن البارز في كلام الوزير أن ما تحقّق لحد الآن في إطار مجموعة (5+5) يبقى بعيدا عن تطلّعات بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط على اعتبار أن الاتفاق حاصل على ضرورة الوصول إلى خلق فضاء رفاهية بالمنطقة في إطار هذه الآلية. وباستثناء تحسّن تعامل بلدان أوروبا الغربية المنخرطة في مجموعة (5+5) مع مسألة منح التأشيرة خلال السنوات الأخيرة، فإن «نور الدين يزيد زرهوني» لم يتوان عن التأكيد بأن ذلك "يبقى أمرا غير كاف لأننا نسعى إلى الوصول لضمان حرية مطلقة في تنقل الأشخاص"، في إشارة منه إلى رفض الجزائر التعامل بانتقائية مع ملف الهجرة بكل أبعاده. إلى ذلك دعت الجزائر على لسان وزيرها للداخلية إلى ضرورة ضمان احترام كرامة رعاياها المقيمين بطريقة غير شرعية في بلدان أوروبا، وأكدت في المقابل أنها دائمة الاستعداد للتكفل بهم وضمان ترحيلهم بما يحفظ لهم كامل حقوقهم، والأكثر من ذلك فإن «زرهوني» يرى أنه لا بد من تنظيم مُحكم لتنقل اليد العاملة بين ضفتي المتوسط على أساس خلق فضاء اقتصادي يسمح بالاستفادة منها بما يخدم كل الأطراف ويقصد هنا مجموعة (5+5). ولم يُغفل الوزير الإشارة إلى تنامي الكراهية ضد الإسلام، حيث عاد إلى الحديث عن موضوع الاستفتاء الذي نُظّم نهاية شهر نوفمبر المنقضي في سويسرا حول حظر بناء المآذن بالإضافة إلى النقاش الجاري حاليا في فرنسا حول الهوية الوطنية واعتبر كل ما يجري "غير مناسب"، ممّا قد يُعطي، حسبه، مبرّرات للمتطرّفين للصعود إلى الواجهة، مثلما أكد أيضا أن هذا الأمر يمكن أن يغذّي تنامي نشاط الجماعات المتطرّفة، وهو ما يعني بشكل مباشر تغذية الإرهاب، وذهب إلى حد وصف هذا الأمر ب"الانحراف الخطير". وتابع وزير الداخلية قائلا إنه "عندما ننساق وراء تعاليق تشجّع معاداة الإسلام فإننا نُعطي مبرّرات للذين يستعملون الإسلام لتبرير أعمال العنف ولكنهم أبعد ما يكون عن تمثيل هذا الدين السمح الذي مكّن المرأة من أن ترتقي، بل وقبل مثيلاتها في المجتمعات الغربية"، مشيرا إلى أن تنامي معاداة الإسلام في بعض البلدان الأوروبية جاء نتيجة بعض الانحرافات لاسيما من خلال التأكيد أن ثقافة ما أفضل من ثقافات أخرى. وبالمناسبة جدّد ضيف القناة الإذاعية الثالثة التأكيد أن "مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تُختزل في الحلول الأمنية، بل يجب أن تشمل معالجة النواة الإيديولوجية لهذه الظاهرة"، وقال إن المجتمع الجزائري أصبح أكثر وعيا لمواجهة الأفكار المتطرّفة بعد التجربة المريرة التي عاشها مع الإرهاب، مندّدا بكل التصريحات التي تهاجم الإسلام وخاصة تلك القادمة من أوروبا، معتبرا أن ذلك لن يُثني من عزيمة الجزائر في مواجهة الإرهابيين.