تمكن أفراد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بولاية غرداية، وفي عملية فريدة تعدّ الأولى من نوعها في الجزائر من الإطاحة بشبكة دولية تتكون من 8 عناصر من جنسيات إفريقية مختلفة بينهم إمرأة، يُتاجرون بمادتي الهيروين والكوكايين، إلى هنا المعلومة عادية، ولكن المثير للغرابة والذي أضفى على القضية طابع "النوعية" هو طريقة إخفاء هؤلاء الأفارقة لهذه المادة وتمريرها، حيث تعودوا نقل المخدرات على شكل "كبسولات" كبيرة الحجم تُشبه حبات التمر الكبيرة، عن طريق إخفائها في أمعائهم بالاستعانة بعقاقير ومستحضرات تقليدية للإمساك لتُساعدهم على ضمان بقائها أطول مدة. حيث لا يُمكن أن تخطر بالبال هذه الحيلة التي ابتكرها الأفارقة في تمرير هذا النوع من المخدرات التي تصل أسعارها إلى 10 آلاف دينار للغرام الواحد، وتعود تفاصيل القضية حسب مصادر موثوقة ل "البلاد" إلى نهاية شهر أكتوبر، عندما وقع حادث مرور مميت على الطريق الوطني رقم 1 الرابط بين مدينتي المنيعة غرداية، تمثل في انقلاب حافلة لنقل المسافرين كانت قادمة من مدينة تمنراست باتجاه ولاية المسيلة، وتدخل على الفور رجال الدرك الوطني بغرداية من أجل تنظيم عملية إجلاء الجرحى وإسعافهم ومعاينة مكان وقوع الحادث من أجل تحديد أسباب وقوعه، ومواصلة للتحقيق في حيثيات الحادث، تنقل المحققون إلى المستشفى من أجل تحديد هوية وعدد المصابين الذين يخضعون للفحص والعلاج بالمستشفى، وعندها لاحظ المحققون عدد من الأشخاص الأجانب من جنسيات إفريقية يحاولون مغادرة المستشفى قبل التأكد نهائيا من حالتهم الصحية، وكانت تبدو عليهم سلوكات الارتباك والتوتر كلما استجوبهم رجال الدرك، حينها لفت انتباههم سلوك أحدهم وهو من جنسية نيجيرية يُحاول المغادرة لإفلات، فتم إخضاعه إلى فحوصات فيزيائية مكثفة ودقيقة خاصة الكشف بالأشعة، وأسفرت النتائج عن اكتشاف وجود أجسام غريبة داخل معدة هذا الشخص المصاب، ليتم مباشرة وبمساعدة الطبيب المختص من إخراج واسترجاع 4 كبسولات بلاستيكية معبأة بمادة بيضاء اللون كانت محل شكوك أولية للدركيين بأنها مادة الكوكايين. الأشعة تكشف أجسام غريبة داخل بطون 4 أفارقة وتبيّن حينها لمصالح الدرك، وجود عملية منظمة لتهريب المخدرات، فسارع على الفور رجال الدرك بإطلاق عملية بحث واسعة بتكثيف نقاط المراقبة والتفتيش والدوريات على كل محاور الطرق والأحياء السكنية، ومداخل ومخارج المدينة، والمراقبة والتدقيق في هوية كل الأشخاص مستعملي الطريق، من أجل هؤلاء الذين كانوا رفقة هذا الشخص عند وقوع الحادث والذين تم إجلاؤهم إلى المستشفى وتلقيهم للإسعافات ثم غادروا لأن حالتهم لا تستدعي البقاء تحت المراقبة والعناية الطبية، ليتمكن عناصر الدرك بعد 30 دقيقة من توقيف 3 رعايا من بيتهم إمرأة تبلغ من العمر 22 سنة من جنسيات مالية والباقي تتراوح أعمارهم بين 22 إلى 50 سنة، وتم إخضاعهم للكشف بالأشعة وبيّنت الفحوصات أن 4 منهم يحملون داخل أمعائهم كميات من الكبسولات التي تحمل المواد المخدرة. وتطلبت عملية إخراج هذه الكبسولات 6 أيام، بعد إخضاعهم لعملية إثارة الإسهال بواسطة مواد طبية ملائمة وبإشراف الأطباء المختصين، وأسفرت على إفراز المتورطين عدد إجمالي قدر 150 كبسولة، ليتم إجراء الخبرة العلمية عليها لدى المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني، وأثبتت أن المادة البيضاء المستخرجة من الكبسولات هي مخدر الكوكايين والهيروين، تتمثل في 143 كبسولة محشوة بالكوكايين قدر وزنها ب 2800غ، و6 كبسولات بها مخدر الهيروين بوزن إجمالي 1116غ وكبسولة أخرى بها مبلغ مالي من العملة الصعبة يقدر ب 300 أورو. كما تم حجز بحوزتهم وداخل أمتعتهم مجموعة من العقاقير والمستحضرات التقليدية التي تساعدهم على ضمان أطول مدة للإمساك يضاف عليها أدوية مضادة للإسهال، إضافة إلى قارورة من مستحضر الطماطم المركزة تقليدية الصنع كانت تستعمل لإخراج الكبسولة، حيث بعد شربها يصيبهم إسهال حاد آني وفوري، وجوازين للسفر، ووثائق إثبات طلب اللجوء لدى المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة مزورة، جهاز إعلام آلي محمول، هواتف نقالة ذكية تحمل شرائح لمتعاملي الهاتف لدول أجنبية ووثائق أخرى مزورة. ينقلون المخدرات من دول الساحل ويحتفظون بها إلى غاية الحدود الغربية ومواصلة للتحقيق توصل الدركيون إلى تحديد هوية أحد الموقوفين بدقة حيث اتضح أنه كان يتنقل بجواز سفر مزور، وتواصلت عملية البحث والتحري من أجل التوصل إلى توقيف بقية أفراد العصابة، إذ تنقل الدركيون المحققون من مدينة غرداية إلى وهران بعد الحصول على إذن تمديد الاختصاص صادر عن الجهات القضائية، وبالضبط إلى أحد الأحياء الشعبية، وتمكن الدركيون من توقيف 4 أربعة أشخاص آخرين وشخصين من جنسية كاميرونية وشخص واحد من جنسية سيراليونية والشخص الرابع يحمل جنسية مزدوجة جزائرية- فرنسية، وتم اقتيادهم إلى مدينة غرداية لاستكمال التحقيق. وبناء على هذه المعطيات تمكن الدركيون من وضع حد لنشاط هذه الشبكة الدولية المتكونة من 8 أشخاص من بينهم امرأة مختصين في نقل وترويج مادتي الهروين والكوكايين داخل أمعائهم والاحتفاظ بها لعدة أيام على طول محور السفر عبر الخطوط البرية انطلاقا من دول الساحل مرورا بالتراب الوطني،عبر أقصى الجنوب وصولا إلى مدينة غرداية، الأغواط، تيارت، غليزان ثم مدينة وهران في انتظار ترويجها النهائي وتسويقها داخل الوطن وخارجه نحو دول أوروبية، ليتم تقديم الأشخاص الثمانية المتورطين في القضية أمام وكيل الجمهورية للقطب الجزائي لورقلة حيث أودعهم الحبس.