كانت المكتبة الوطنية ولعدة سنوات، قبلة للكتاب والأدباء أين يجدون ضالتهم من خلال المقاهي الفكرية والأدبية والشعرية. غير أن الكتاب والمثقفين لن يحظوا بتلك السهرات الفكرية الرمضانية هذا الموسم في ظل الجمود الذي تشهده المكتبة جراء ''عدم استقرارها بعد''. اعتاد الكتاب والمثقفون عقب تناول وجبة الإفطار وأداء صلاة التراويح، الالتقاء في المكتبة الوطنية في إطار لقاءات فكرية وأدبية وقراءات شعرية تعطر سهرات الشهر الفضيل، وتشير الأصداء من مبنى الحامة. إلى أنه لا جديد يذكر هذا العام، وأن تلك النشاطات التي ألفها الكتاب والمثقفون، ستغيب في رمضان القادم. وأمام هذا الواقع، يبدي بعض الكتاب الذين اعتادوا على حضور تلك النشاطات الرمضانية، أسفهم حول ''حرمانهم من فضاءاتهم الرمضانية'' هذا العام، وما زاد من شدة أسفهم، هو ''غياب فضاءات بديلة لإقامة نشاطات فكرية تجمع الكتاب الجزائريين في رمضان''. وأجمع بعض الكتاب الذين تحدثت إليهم ''البلاد'' على ''تدهور حالة المكتبة الوطنية وتراجع مكانتها الثقافية''، حيث أكد الروائي محمد ساري في هذا الإطار على عدم وجود أي برنامج فكري بالمكتبة الوطنية في شهر رمضان مقارنة برمضان الماضي الذي قال عنه صاحب رواية ''الغيث'' إنه كان ثريا بنشاطاته على مستوى المكتبة الوطنية. وأرجع المتحدث ذلك إلى ''غياب مدير عام يشرف على هذا البرنامج'' وأوضح ''المكتبة يجب أن تسير بجدية''. وكشف ساري في ذات السياق أن ''مكتبة سقراط'' بالعاصمة حلت محل المكتبة الوطنية، حيث قامت بتوجيه دعوات لعدد من الكتاب والأدباء لتنشيط ندوات فكرية عقب كل سهرة من رمضان الكريم. ولا يبتعد رأي الفنان التشكيلي محمد بوكرش كثيرا عن رأي ساري، حيث استنكر بدوره الحالة المزرية التي أصبحت عليها مكتبة الحامة بعدما تم تنحية مديرها العام أمين الزاوي، وذهب بعيدا ليصفها ب''المقبرة'' حيث قال ''أصبح للعاصمة مقبرتان ثقافيتان متقابلتان'' في إشارة واضحة إلى المتحف الوطني للآثار القديمة. ونقل لنا بوكرش أسفه عن سقوط المكتبة الوطنية ضحية لما قال إنها ''أطماع سياسية واقتصادية'' بعد السمعة والصيت العالمي الذي حققته وهي تستضيف أسماء هامة معروفة على الساحة الثقافية الدولية كان آخرها الشاعر السوري ''أدونيس''، وقال الفنان النحات إنه لا يؤمن بالثقافة الموسمية المرتبطة بمناسبات معينة ''لو لم يكن رمضان فماذا كنا سنفعل''.. هكذا قال قبل أن يشدد على ضرورة تكثيف النشاطات الفكرية بعيدا عن أي ضغوطات أو خلفيات قد تهدد نجاح المشاريع الثقافية في الجزائر. من جهة أخرى، يقف الروائي مرزاق بقطاش ليعاكس رأي ساري وبوكرش، حيث أكد لنا أن ''المكتبة الوطنية لازالت تقوم بدورها على أكمل وجه من خلال إقامة نشاطات مختلفة والاتصال بالجامعات وغيرها''..