وضعت الولاياتالمتحدة العملية السياسية في العراق في مقدمة استراتيجيتها لمواجهة خطر داعش والذي يطرق أبواب العاصمة العراقية، مع انتخاب سليم الجبوري رئيساً للبرلمان ترى واشنطن أن الخطوة الأولى قد تم إنجازها. وبعد ساعات من انتخابه، أعلن البيت الأبيض أن نائب الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، اتصل برئيس البرلمان العراقي، وشدد الطرفان على ضرورة "التصرف بسرعة وبما يتطلبه الدستور العراقي لتأليف حكومة جديدة قادرة على توحيد المكونات العراقية في مواجهة داعش". يريد الأميركيون وفي أقرب وقت أن يتم أيضاً انتخاب رئيس للجمهورية يقوم بدوره بتكليف رئيس للوزراء يقوم بتشكيل حكومة عراقية جديدة، فالأميركيون يتخوفون من أن مرور الوقت واستمرار الأزمة السياسية والفراغ سيسمح للأكراد بالتوجه إلى إعلان استقلالهم أو فرض استقلال بحكم الأمر الواقع، فيما يتمسك رئيس الحكومة المنتهية ولايته في مركزه لوقت طويل. في هذا الوقت بدت الحكومة الأميركية غير مستعدة بعد للتعامل الأمني مع خطر داعش، فقد أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية، الأدميرال جون كيربي، أن تقييم الأوضاع في العراق وصل إلى وزير الدفاع، وسيأخذ تشاك هيغل "وقته لدراسة التقييم بعناية وعمق"، كما قال كيربي، وشدد للصحافيين أن لا توصيات في التقييم الذي أرسله الضباط الأميركيون من العراق. أوضح كيربي أن التقييم يشمل وضع القوات العراقية أي قدراتها وتنسيقها وإمكانية أن تتحول القوات الأميركية إلى قوة من المستشارين، كما يشمل التقييم الأوضاع على الأرض، خصوصاً قدرات داعش وأهدافها. كانت تسريبات صحافية أشارت إلى أن التقييم يشير إلى أن هناك عددا كبيرا من الوحدات الأمنية والعسكرية العراقية مخروقة أو تعتمد على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، كما أن هناك وحدات لها علاقات بتنظيمات متطرفة وبتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية، وأن هناك خمسين بالمئة فقط من الوحدات العسكرية العراقية التي يمكن الاعتماد عليها لضبط الأمن. إدارة أوباما من الواضح أن إدارة أوباما وضعت أمامها هدف التعاطي مع خطر داعش، واعتبرت أن التنظيم خطير جداً ولا يمكن احتواؤه، لكن التأخير في التعاطي مع المشكلة تسبب بشكوك حول إرادة الحكومة الأميركية. وقال جيمس جيفري، السفير الأميركي السابق في بغداد، إن تصرفات الحكومة الأميركية السابقة تؤشر إلى ذلك، "لذلك عليها أن تلجأ للأفعال وليس للأقوال"، بحسب شهادة أدلى بها أمام لجنة فرعية في مجلس النواب الأميركي، ودعا إلى منع داعش من شن أي هجمات على الأراضي الأردنية، وإلى تنسيق جهود الدول المجاورة مثل تركيا ودول الخليج العربي، كما دعا إلى دعم المعارضة السورية المعتدلة. كما دعا جيمس جيفري إلى شن هجمات أميركية ضد داعش في العراق وسوريا أيضاً. لكن الناطق باسم وزارة الدفاع الأدميرال كيربي قال إن الأميركيين لم يأخذوا قراراً بعد باستعمال القصف الجوي في العراق، علماً أن الرئيس الأميركي أعلن من قبل أنه يبقي خياراته مفتوحة. غياب القرار بالقصف يدفع الكثيرين للتشكيك في جدية الأميركيين بالتصرف سريعاً على الأرض، والتأخير يعرّض العراق إلى الدخول في عملية انشطار فعلي بحيث تسيطر الحكومة على جزء من البلاد، ويسيطر الأكراد على جزء آخر، وتتجذّر دولة داعش في مناطق غرب العراق.