أعلن جان ماري لوبان مؤسس حزب «الجبهة الوطنية» المتطرف في فرنسا ورئيسه الشرفي أنه قرر اعتناق الإسلام نكاية في ابنته رئيسة الحزب مارين لوبان، وردا على قرارها تجميد عضويته في الحزب على خلفية تصريحات وصفت ب «العنصرية واللاسامية» أدلى بها وسببت لها حرجا. ويعيش الحزب اليميني المتطرف منذ أكثر من شهرين على وقع «حرب كلمات» ساخنة وملاسنات عبر وسائل الإعلام، بين جان ماري لوبان مؤسس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا وزعيمه التاريخي، وابنته التي خلفته في زعامة الحزب عام 2011 مارين لوبان التي اتهمته بالخيانة بسبب انتقادها لتعليقات أدين بسببها بالتحريض على الكراهية والعنصرية. وبلغت الأزمة العائلية بين لوبان الأب ولوبان الإبنة مداها حين سارعت الأخيرة إلى عقد اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحزب الذي صوت بالأغلبية على قرار عقابي ضد الرئيس الشرفي للحزب ومؤسسه ووالد رئيسته يقضي بتجميد عضويته، وبدء إجراءات تجريده من صفة الرئيس الشرفي للجبهة الوطنية، ما جعل هذا الأخير يرد بشدة على ابنته ليطالبها بعدم حمل اسمه العائلي والبحث عن زوج يمنحها اسمها، مهددا إياها بأنه سيعتنق الإسلام نكاية فيها. وقال: «نكاية في مارين قررت اعتناق الإسلام، لقد بدأت محادثات مع مسجد باريس الكبير من أجل تنظيم مراسيم حفل اعتناقي الإسلام، وبديانتي الجديدة كمسلم سترونني قريبا في المسجد لتأدية الصلاة، سأطلق لحية بيضاء طويلة وأرتدي حذاء رياضيا من ماركة نايك». وأضاف: «أشعر بالعار والخجل كون رئيسة حزب الجبهة الوطنية تحمل الاسم نفسه الذي أحمله وأتمنى أن تغيره بسرعة، يمكنها أن تصل إلى ذلك عبر زواجها بشريك حياتها أو مع فلوريان فيليبو نائب رئيس الحزب أو مع شخص آخر، أنا لا أريد أن تحمل رئيسة «الجبهة الوطنية» اسم عائلة لوبان». وكانت اللجنة التنفيذية للحزب المتطرف التي ترأسها مارين ابنة لوبان قد عقدت جلسة تأديبية بعدما كرر الزعيم التاريخي للحزب رأيه بأن غرف الغاز النازية كانت مجرد «تفصيل» في الحرب العالمية الثانية، ليصدر عنها في خاتمة الاجتماع بيان أعلن أن حزب الجبهة الوطنية قرر تعليق عضوية مؤسسه جان ماري لوبان، مع التأكيد على أن الحزب اتخذ قرارا آخر يقضي بالدعوة إلى اجتماع حزبي موسع لتجريده من لقب الرئيس الشرفي له. وتفاقم النزاع العائلي المرير بين مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة ووالدها مؤسس الجبهة جان ماري لوبان بعد اتهامها للوالد البالغ من العمر 86 عاما بتدمير جهودها لدمج الجبهة في التيار السياسي الرئيسي في البلاد من خلال الإدلاء بتصريحات محرجة وغير لائقة. وتحاول مارين لوبان أن تخلص حزبها المناهض للمهاجرين من صورتها كحركة عنصرية مناهضة للأجانب وللسامية وتعزيز اجتذابها للناخبين مع استعدادها لترشيح نفسها في انتخابات الرئاسة الفرنسية عام 2017، حيث تشير استطلاعات للرأي إلى أنها قد تصل إلى جولة إعادة في انتخابات الرئاسة، ولكن من غير المحتمل الفوز بها. وتعرضت مارين لوبان إلى موقف محرج خلال إقامة الحزب لاحتفال وسط باريس بمناسبة عيد العمال فاتح أيار/مايو الجاري، حينما صعد والدها إلى المنصة الرسمية قبيل إلقائها كلمتها كرئيسة للحزب وشرع في تحية الحاضرين والتلويح بعلامة النصر بيديه لهم. وزادت أزمة عائلة لوبان اشتعالا حين قرر الأب الترشح لانتخابات الجهات التي تشهدها فرنسا نهاية العام، وهو ما أغضب لوبان الإبنة قبل أن يقرر سحب ترشحه، حفاظا على انسجام الحزب وعدم زعزعته من الداخل على حد تعبيره، وهو ما اعتبر مؤشرا على تهدئة الأمور بينه وبين ابنته. غير أن الأزمة العائلية اشتعلت من جديد حين وصف جان ماري لوبان رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس بالنازح القادم إلى فرنسا للتجنس باسمها، مؤكدا أنه فرنسي أكثر من رئيس الحكومة «فالس فرنسي منذ ثلاثين سنة أما أنا فمنذ ألف سنة». وتحولت الخطابات والتلاسن عبر وسائل الإعلام بين لوبان الأب والإبنة إلى مادة دسمة في وسائل الإعلام، خاصة استخدامهما مصطلحات رسمية في مخاطبة بعضهما البعض حيث يخاطب جان ماري بوبان ابنته ب»السيدة» لوبان بينما ترد الأخيرة بمناداة والدها ب»السيد» لوبان. وتخشى مارين لوبان حدوث انشقاق في الحزب الذي تتزعمه بسبب تمتع والدها بشعبية كبيرة داخله، وفي ظل وجود أصوات ترفض إقصاء لوبان الأب من الحزب وطرده من هياكله، كما أن النزاع بين الأب والإبنة تسبب في انقسام حتى داخل العائلة بين من يؤيد ماري وجان لوبان، إضافة إلى حدوث تصدع مماثل داخل هياكل الحزب ومؤسساته. وكان جان ماري لوبان الأب قد أدين لأكثر من 18 مرة على خلفية تصريحات عنصرية ضد المهاجرين، وأيضا لإعلانه أن الاحتلال النازي لفرنسا لم يكن قاسيا بشكل استثنائي، وكذلك لتقليله من مصداقية المحرقة النازية لليهود تارة ونفي وجودها أصلا تارة أخرى. وتسبب جان ماري في حرج آخر لابنته حينما تسبب في جدل كبير في فرنسا على خلفية تصريحات عنصرية له راهن من خلالها على فيروس إيبولا الفتاك للقضاء على المهاجرين والمسلمين، فحين كان يتحدث في مدينة مارسيليا قبل أن يحضر اجتماعا انتخابيا مع ابنته مارين أعلن أن «هناك انفجارا سكانيا في العالم يهدد بإغراقه». ثم أضاف «أن المسيو ايبولا قادر على حل المشكلة في غضون ثلاثة أشهر».