تمكّن إيمانويل ماكرون من الصُعود بثبات في صفوف المُؤسسة الفرنسية عندما قرر إستغلال مهاراته، كمصرفي مُتمرس في عالم الإستثمار وعقد الصفقات ، في عالم السياسة. لكن منذ إستقالته المُفاجئة من الحكومة بعد عامين فحسب في المنصب أرسل ماكرون رسالة قوية مُناهضة للمؤسسة القائمة ساعدته في أن يصبح الأوفر حظاً للفوز بإنتخابات رئاسية تُعد الأكثر غموضاً في فرنسا قبل عيد ميلاده الأربعين. وإذا فاز ماكرون البالغ من العمر 39 عاماً، والذي لم يكن معروفاً على نطاق واسع قبل أقل من ثلاث سنوات، فسيصبح أصغر رئيس لفرنسا منذ نابليون. ويعزو الكثيرون صُعود ماكرُون المُفاجئ إلى توق الفرنسيين لوجه جديد مع انهيار غير متوقع لعدد من منافسيه من التيارات السياسية الرئيسية خاصة اليمين واليسار التقليديين. كما لعب ذكاؤهُ التكتيكي الحاد أيضاً دوراً في صعوده. وإستغل ماكرُون الشُعور بخيبة الأمل تجاه الوضع الراهن وتعهّد بتغيير المُؤسسة القائمة رغم أنه تلقى تعليمه في مدارس فرنسية مرموقة وأبرم صفقات وصلت قيمتها 10 مليارات دُولار لمجمُوعة روتشيلد وشغل منصب وزير في حكومة الرئيس فرانسوا أولوند الإشتراكية. وقال لمُؤيدين في مؤتمر انتخابي في مدينة بو بجنوب البلاد: "فرنسا تعرقلها ميول النخبة نحو خدمة مصالحهم" قبل أن يخفض من صوته ويضيف هامساً: "وسأقول لكم سراً صغيراً: أعلم ذلك لأني كنت جزءاً منهم". وبعد عمله في مجموعة روتشيلد المالية إنضم لمُوظفي أولوند في قصر الإليزيه عام 2012، ولم يمر وقت طويل قبل أن يصبح وزيراً للاقتصاد. وفي ذلك المنصب إنتقد مبادئ راسخة كان البعض يعتبرُها أبقاراً مُقدسة في "النموذج الإجتماعي" مثل العمل 35 ساعة في الأسبوع والحماية المطلقة للوظائف ووظائف مدى الحياة في الدوائر الحكومية. هذه الرسائل جعلت منهُ أحد أكثر السياسيين شعبية في فرنسا، وهو إنجاز كبير بالنسبة لمصرفي سابق في بلد لا يكُن فيه الكثيرون إحتراماً للدوائر المالية العليا. ورغم أنه مازال محل شك بين الكثير من اليساريين التقليديين فإنه يقول دائماً إن طموحه هو تخطي الإنقسام اليساري-اليميني الذي طالما هيمن على الساحة السياسة الفرنسية. وعندما إستقال في أوت الماضي ليتفرغ لحركة "إلى الأمام" السياسية التي أسسها في أفريل 2016 قال كثير من النُقاد إنه سيكونُ في أفضل الأحوال مُجرد شهاب قصير العمر. لكن مع إرتباك الإشتراكيين وإنشغال مُرشح يمين الوسط فرانسوا فيون بفضيحة مالية ظهر ماكرون في موقع محوري. وأذهل ماكرون منافسيه من خلال بناء قاعدة تأييد راسخة والحصول على تأييد سياسيين منشقين عن يسار الوسط ويمين الوسط. ومع توقعات بأن فيون ومرشح أقصى اليسار جان لوك ميلينشون سيخرجان على الأرجح من الجولة الأولى المقررة في 23 أفريل تبقى لوبان هي منافسته الرئيسية ، وتصفُ لوبان، التي تشيرُ إستطلاعات الرأي إلى أنها ستخسر أمام ماكرون في جولة الإعادة في السابع من ماي، مُنافسها ماكرون بسُخرية بأنه مُرشح "المال". وقالت: "السيد ماكرون لا يدافع عن مصالح الشعب. يدافع عن مصالح القوى المالية الكبرى. يدافع عن مصالح المصارف الكبرى". وماكرون متزوج من بريجيت ترونو التي كانت معلمة في المدرسة التي كان يدرس بها وقد تعرف عليها وعمره 16 عاماً. وبسبب الفارق الكبير بينهما في السن البالغ 24 عاما فقد كان زواجهما مادة لتغطية إعلامية مُكثفة.