تسود حالة من التوتر والحذر في لبنان بعد اشتباكات في بيروت بين مسلحين والجيش اللبناني الذي نفذ حملة مداهمات واسعة ودفع بتعزيزات عسكرية إلى العاصمة لإعادة فرض الأمن وشهدت العاصمة ومدينة طرابلس الشمالية اشتباكات عنيفة خلفت قتلى وجرحى. وتأتي هذه التطورات بعد ساعات من فرض الجيش اللبناني طوقا أمنيا حول مقر السراي الحكومي في وسط بيروت، الذي حاول متظاهرون اقتحامه بعد تشييع جثمان اللواء وسام الحسن الذي اغتيل في تفجير الأشرفية الجمعة الماضي. وذكرت وسائل الإعلام اللبنانية أن وحدات من الجيش التي تنفذ مداهمات وعملية أمنية لإلقاء القبض على المسلحين تتعرض لإطلاق نار في قصقص والطريق الجديدة. وتحدثت مصادر أمنية عن جرح خمسة أشخاص على الأقل في تبادل لإطلاق النار بين مسلحين استخدموا أسلحة صاروخية في مناطق الكولا وقصقص والطريق الجديدة التي شهدت صباح أمس، اشتباكات متقطعة وإطلاق نار كثيفا. وأكد الجيش اللبناني أن البلاد تمرّ بمرحلة حرجة، وناشدت القوى السياسية توخي الحذر في التعبير عن المواقف والآراء ومحاولات التجييش الشعبي لأن مصير الوطن على المحك كما دعت المواطنين “لعدم ترك الانفعالات تتحكم بالوضع والمبادرة إلى إخلاء الشوارع وفتح الطرق”. وفي طرابلس؛ أوضحت تقارير أن هدوءا حذرا يسود منطقتي باب التبانة وجبل محسن بعد اشتباكات استُعملت فيها أسلحة متنوعة بينها الصاروخية واستمرت حتى الصباح. وأشارت مصادر أمنية إلى سقوط خمسة قتلى على الأقل وعشرات الجرحى جراء الاشتباكات وعمليات القنص التي ما زالت مستمرة على أكثر من محور في المنطقة. وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن الطرق جميعها سالكة في المنطقة باستثناء طريق تربط طرابلس بعكار وسوريا. وفي طرابلس أيضا؛ يتواصل الاعتصام الذي أقيم على مقربة من منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للمطالبة برحيل حكومته كما نصبت عدد من الخيام في مؤشر على أن الاعتصام سيطول أمده، وأشارت وسائل إعلام لبنانية إلى توجه للإعلان عن عصيان مدني في المدينة وعدم دفع فواتير الهاتف والكهرباء للدولة. وقطع مسلحون صباح أمس، طرقا في محيط منطقة الطريق الجديدة في غرب بيروت التي تعتبر معقلا لزعيم المعارضة سعد الحريري ومحيطها. وقال شهود إن رجالا مسلحين يقدمون أنفسهم كأنصار لتيار المستقبل يقطعون الطرق بالإطارات وحاويات النفايات في مناطق قصقص والكولا وكورنيش المزرعة القريبة من الطريق الجديدة. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شاهد عيان قوله إن “معادلة الطريق الجديدة تغيرت. لن نقبل بعد الآن بأن نبقى مهمشين”. وأوضح مصدر أمني أن الظهور المسلح والحوادث الأمنية المتفرقة التي حصلت أمس وليلا ناتجة عن “ردود فعل تقوم بها مجموعات تحظى بغطاء سياسي معين”. من ناحية أخرى، أعلن وزير الداخلية اللبناني مروان شربل أن قوى الأمن تعمل على معالجة موضوع الطرق المقطوعة في بيروت ومناطق لبنانية أخرى. في السياق دعا الهيئات الطلابية في “14 آذار” للتجمع عصر اليوم في ساحة الشهداء وسط بيروت. وسياسيا، أكد سفراء الدول الكبرى وممثل الأممالمتحدة في بيروت -عقب لقائهم الرئيس ميشال سليمان- أنه يعود للأطراف اللبنانية الاتفاق على طريقة السير قدماً من خلال مسار سلمي. وأضافوا أنهم جددوا لسليمان دعم دولهم لإرادته والجهود التي يقوم بها حاليا بالتشاور مع كل الأطراف. ومن جانبها، اتفقت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مع ميقاتي على أن تساعد واشنطن في التحقيق في الهجوم. وشددت كلينتون -خلال اتصال هاتفي لإدانة اغتيال الحسن- على أهمية تعاون الزعماء السياسيين لضمان أن يسود الهدوء.