فاطمة الزهراء. أ دقّت مئات العائلات بمختلف شوارع القصبة بالعاصمة، ناقوس الخطر من هشاشة السكنات التي يقطنون فيها، حيث إنهم مهددون في أي لحظة بالموت تحت الأنقاض مثلما حدث مساء أول أمس لعجوز تبلغ من العمر 75 سنة لفظت أنفاسها الأخيرة تحت الأنقاض، على إثر سقوط طبقات المنزل الذي تقطنه منذ سنوات الاستقلال ولحسن الحظ نجا من هذه الحادثة حفيداها البالغان من العمر 6 و10 سنوات بأعجوبة الانهيار الكلي لبناية هشّة أو ما يُعرف ب “الدويرة" بشارع مصطفى جواب بالقصبة في قلب العاصمة، مساء أول أمس، خلّف حالة من الغضب والاستنكار وسط سكان القصبة الذين ما يزالون على وقع صدمة ما جرى، وعبّرت العديد من العائلات التي التقتها “البلاد" أمس، عن سخطها من الوضعية الكارثية التي آلت إليها بنايات القصبة أمام صمت المسؤولين، وقالت إحدى العائلات “إن ما وقع أول أمس زرع الرعب في قلوبهم إلى درجة أنهم قضوا الليلة مستيقظين خوفا من انهيار بناياتهم". وأكد لنا أحد المواطنين القاطنين بهذه البنايات، كانت تبدو عليه علامات الحزن الشديد بعد وفاة العجوز جارته، أن سكان القصبة اليوم يعيشون تحت “رحمة الله" حسب تعبيره مشيرا إلى أنها أصبحت مكانا غير لائق للعيش، حيث تحوّلت شوارع وأزقة القصبة إلى أوكار لمختلف الآفات الاجتماعية على رأسها المخدرات والتسوّل إلى جانب غياب النظافة، والأخطر من ذلك يضيف أن 90 بالمائة من بناياتها هشة وأصبحت تُهدد حياة المواطنين وتشكل خطرا على أرواحهم دون أن تتحرك السلطات. دخلنا عددا من “الدويرات"، حيث تقشعر الأبدان لتلك المشاهد المؤلمة من وضعية السكنات التي يقطنون فيها، جدران وسلاليم متآكلة وأسقف شبه منهارة وأخرى انهارت بفعل العوامل الطبيعية، حتى أن بعض أنواع الحشائش تنموا موسميا في بعض البنايات فوق الأسطح والبنايات، وروائح الرطوبة والجدران التي أكل عليها الدهر وشرب تنبعث من بعيد، تُضاف إلى الروائح الكريهة من القاذورات والأوساخ في كل شوارع القصبة، بينها شارع ديدان، رابح رياح، مقراني ياسف، شارع راما، عبد الرحمان بوصرة، الإخوة باشا، عبد الحميد روان ومحمد بن قانيف وبوشلاغم بوعلام وغيرها، كلها شوارع تضم بنايات لا يمكن إلا أن تصنّف في خانة الخطر الأحمر. ونحن نحاول صعود السلالم استبقنا الشعور بالخوف من انهيار في أية لحظة جدار أو سقف من هنا وهناك، دخلنا إلى أحد المنازل رفقة أم وابنها الشاب الذي أكد لنا أنهم “سئموا هذه الوضعية الكارثية"، لتضيف الأم “العجوز التي تُوفيت كانت دائما تسألني إن كانت لجنة الإحصاء قد زارت الحي أم ليس بعد، وكنت أقول لها دائما ليس بعد، إلا أنها توفيت أول أمس وأملها الوحيد هو الخروج من هذه البنايات إلى سكنات لائقة". المعاناة يرويها سكان القصبة بكل أسف، مؤكدين أن عمليات الترحيل لم تمسّ أبدا سكان هذه الأحياء منذ عشرات السنين، مناشدين أعلى السلطات على رأسهم رئيس الجمهورية والوزير الأول التدخل والنظر في وضعيتهم، مشيرين إلى أن القصبة العتيقة تتطلب أشغال ترميم كبيرة للحفاظ عليها كإرث عالمي مصنّف لدى المنظمة العالمية للتراث، لكن من المستحيل أن تتم عمليات الترميم والسكان يواجهون خطر الانهيارات في أية لحظة. وعلى حدّ تعبير السكان، فإن هذه الحادثة التي وقعت تستدعي التدخل العاجل للمسؤولين، مؤكدين أنهم سوف لن يلتزموا الصمت اتجاه هذا الوضع في حال استمرار صمت المسؤولين.