بعض السياسيين.. يعانون من داء التضخم.. وهو مرض عضال.. يصيب صاحبه بالعمى.. فيفقد القدرة على إبصار غيره.. وفي أحسن الظروف.. يرى من حوله .. بأحجام الذباب والحشرات الدقيقة.. ثم يتطور المرض لديه.. إلى سمنة سياسية.. تقعده عن الحركة.. فيتمدد في مكانه كبقعة الزيت.. وفي النهاية.. لا يرى نفسه معنيا بالموت.. لأنه خالد.. وأكبر من الفناء.. أما باقي الخلق فيستمدون وجودهم منه. وهؤلاء في العادة.. لا يملكون قياسا صحيحا لقاماتهم وأوزانهم الفعلية.. فيعلنون أرقاما لا تمت إلى حقيقتهم بصلة. *** من هؤلاء.. من يصنف نفسه في خانة الرقم الصعب.. الذي لا يمكن تجاوزه أو ابتلاعه.. أي إنه الأكبر.. وسيد الجميع.. الذي إذا تكلم صمت العباد.. وإذا أمر ذلت له الرقاب. ومنهم من يرى نفسه أجدر من يحكم الجزائر.. فهو بكل المعايير والمقاييس.. كامل المواصفات.. ذكي وجميل.. نظيف ونزيه.. قوي ومتين.. خطيب وبليغ.. ووطني إلى أبعد الحدود.. لا أحد ينافسه أو يضارعه. ومنهم من يعتقد أنه "عالم بالكتاب".. يتصرف في عفاريت الدنيا.. فيسجن منها من يشاء.. ويطرد من يشاء.. ويدجن من يشاء.. ويرسل إلى الجحيم من يشاء. *** عمليا.. لا أحد من هؤلاء نظر تحت قدميه.. ليبصر بركة الطين.. والهياكل العظمية المتناثرة فيها.. وعندما يبدأ في السباحة يعلق.. دون أمل في الخلاص.. فيموت دون أن يحرك ساكنا.. أما الوحوش فلها الوقت الكافي.. لتأكل وتنام. المشكلة في نظري: متى نستأصل غدة التضخم هذه؟ وهل نملك مصحة متخصصة في تخفيض السمنة السياسية؟ أم إننا مضطرون لإرسال مرضانا إلى الخارج؟