ابشروا عبد المجيد شيخي مدير الأرشيف الوطني ''سيشيخكم'' بصور عن الأرشيف الجزائري المحبوس في فرنسا على طريقة تناسخ الأرواح الهندية! هذا ما قاله على التو بعد اختتام زيارته التقنية الميمونة التي قادته لفرنسا، فقد وعدوه هناك بأن يحضر آلات استنشاخ، لا بأس إن كانت قديمة، لنسخ ما شاء اللّه من الأرشيف الذي لايزعج أحدا بمن فيهم مجاهدو 19 مارس... ويحمله معه المرة القادمة! وإذا لم تعجبه الفكرة، فما عليه إلا إرسال وفود البحث للحج هناك للاطلاع على مافات ممّا تيسر من ما ''كان في سالف العصر والزمان'' فك الارتباط... والمهم في كل هذا أن فك الارتباط غير وارد مع الماضي، وبالتالي سينعكس على الحاضر... حتى ولو عمد الفرنسيون إلى نصب خيام قبالة السواحل للحيلولة دون مرور الحرافة بسلام. فهؤلاء لاتريد منهم أن يشكلوا أرشيفا جديدا يحكي مغامراتهم ذات عام بعد كذا مليون سنة حين يلتقى الماء بالماء ويندثر البحر (الأبيض)! فلابد أنهم أي الفرنسيين أحسوا بأن الحكومة الموالية لهم تريد أن تحافظ على استقرار عدد الناخبين حتى ترتفع ''كوطة'' المشاركة من غيرها كالمقاطعة أو الغياب أو حتى النوم وربما العصيان! وهي أكثر من غيرها تدرك بأنه لابد عليها أن توفر لهم بعض أجواء ''الزهو'' والمرح في إطار أنا أحب (بلدي) أنا أنتخب... وهذا على وزن أنا أحب أنا أتزوج! خاصّة أن بعض الوجوه الفنية المصنوعة من القصدير تنط في هذه الأيام مثل القطط التي رأت بقايا سردين ثمين جدا مرميا أمام باب المسؤولين بعد أن كان يطرق باب الزوالين''! فلا يعقل أن يفرح أبو الأرانب والأرانب وحدة بالحدث الانتخابي ولايتم تعميمه على نحو مافعلت مع العدالة الاجتماعية الموقرة، فالعدالة هذه صار بالإمكان مراسلتها الكترونيا أي بواسطة البريد الإلكتروني المضمون والمجتمع هذا كان بالإمكان تفريقه دائما بواسطة بوليسين أو جمعا بواسطة مداح يبدأ الغناء منذ الصباح ولايرتاح! شعب الكاوتشو!! أمّا ما هو مستعجل ومطلوب من كل الأرشيف المحفوظ هناك، حسبما يقول شيخي الذي عاد فارغ الوضاب إلاّ من الوعود، الفترة المتعلقة بالعهد العثماني من أيام برباروس وفترة الحركة الوطنية! وهي فترات شهدت بطولات من النوع الذي قام به الرايس حميدو وانكسارات من النوع الذي عرفناه مع الأحزاب التي قادت الحركة الوطنية، حتى أن أحدهم أقسم بأغلظ الإيمان بأن شعيب في ذلك الوقت مثل شعيب الآن لابد أن نصفه بشعب ''الكاوتشو'' أي الذي يحاول البعض رفعه الى فوق فيأبى ويعود للتحت... أو المراحل هذه شهدت كل الكوارث التي نراها الآن من أصحاب ''النيفو'' السيزيام الذين يتطاولون على الكراسي وفي الجاه وفي البيان، وحتى غسال الموتى الذي حكم الإيالة قبل أن تصبح زائلة والدوام لله! والحق أن شيخي له الحق في اعتبار تلك الحقبات من الأولويات التي يطالب بها المؤرخون وأنا أذهب معه أبعد من ذلك فقد يعثر على جزء من ماضينا السحيق الضارب في الأعماق عندهم، أي عند الفرنسيين، كأن يثبتوا لنا بالدليل والملموس أن الحمار مثلا أول ما رأى النور كان أرض الجزائر (حاليا) فهي مسقط رأسه الأول وبعدها انتشرت الظاهرة الحميرية والبغالية (نسبة إلى البغل)! وانتشرت معهما ظاهرة الأمية عند البشر! ... بأي ذنب قتلت... ! هذا الترتيب في تحديد المهم من الأهم في الأرشيف تحدده معطيات الواقع الراهن الذي يرى عموما أن كتابة تاريخ فترة حرب التحرير حاليا مزعجة على أكثر من صعيد، خاصّة في ظل وجود عدد منهم مازالوا على قيد الحياة! وربما لن يفتح أرشيفهم وأرشيفنا حتى بعد رحيلهم لأن ورثة المشعل تحت شعار (منهم وإليهم ) كما ورثوا الثروة والمنصب والمال يرفضون أن يسألوا على طريقة ''وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت''! والموؤودة هنا هو شعب الكاوتشو. حتى وإن وأد البعض نفسه بنفسه ويلقي التهمة على الآخرين! فمن منا يعرف مثلا مجاهدي 19 مارس، وهم الذين دخلوا صفوف الثورة يوم توقيف إطلاق النار (والدخان)! في ذلك اليوم ولبسوا زيهم ورفعوا العلم والتقطوا صورا معهم لتكون برهانا على أنهم كانوا خاوة في الشقاوة! قبل أيام تحدث الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد عن ضباط فرنسا الذين تعامل معهم وتأسف لكونه عول عليهم، فخدعوه بقولهم إنه حسن على طريقة الحسناء التي يغرها الثناء والإطراء! ولابد أن يكون عدد من هؤلاء ضمن مجاهدي 19 مارس! ولكن لا أحد يعرفهم على وجه الدقة... وكل مايدور عنهم من أحاديث حول بطولاتهم لاتكون عادة إلا بعد أن يرحل هؤلاء بقرار من أنفسهم بعد أن يقعدهم الذي يقعد كل جبار يسمى مرض آخر المشوار! والمشكلة أن معظم هؤلاء ذهبوا بهذه الشاكلة، أي حين وهنوا وبالتالي سهل على الذي بيده العقد أن يجبرهم على المغادرة... ذهب في المعارضة المليحة بهذه الطريقة واحد إسمه رضا مالك (الحزين) ومن بعده ذهب العربي بلخير الكاردنيال الذي ربى أجيالا على يده! وكان هذا أصعب عليه من أن يستخدم الممحاة على نطاق واسع لفسخ مافات من الذنوب ولو كانت كالجبال! فالمال يأتي به في النهاية الرجال! وإن كانوا بغالا، فإن ذهبوا ضاع كل شيء. فهل لهذه القوة التي يتمتع بها هؤلاء يسكت الكل عن السؤال عن مجاهدي 19 مارس، ويتكلمون فقط عن مجاهدي وأعداء الثورة... دون أن يحددهم أحد بالأسماء؟ ولو كان الواجب يقتضى أن تسألهم قبل غيرهم كيف تحقق حلم ديغول الذي خرج من الباب ووعد بالرجوع من الشباك مثلما حقق أوباما حلم لوثر كينغ! قافلة وراحلة... جزء من الأرشيف الوطني الذي يفترض أن يكشف النقاب عنه بعد مرور الفترة القانونية ''كيسه'' من 40 إلى 50 سنة حتى هو تحت حكم الغلق... ولا يسأل عن ذلك لأن المبدأ العام المتداول الآن لاتسألوا عن أشياء إن تبدو لكم تسؤكم... والأحسن أن تسكتوا حتى تحط القافلة وينزل القوم من الراحلة! ثم تعرفون بعد فوات الآوان ماذا فعل فينا حزب فرنسا والزمان لبناء دولة رعيان تمحو الديون للفلاحين أجمعين وتكرم ''البياعين'' سابقا! والأكيد أن السؤال شغل بال شيخي وشيخهم، ولن تعرفوا الجواب إلا بعد أن يشيخ ويعبر في المريخ، لكن لايبقى الأثر بعد أن يستوطنه من استوطنوا أرض الهنود الحمر!!