السيد شايب يبحث مع المستشار الدبلوماسي لرئيسة مجلس الوزراء الإيطالي العلاقات الثنائية وآفاق تطويرها    سوناطراك: السيد حشيشي يعقد بإيطاليا سلسلة من اللقاءات مع كبار مسؤولي شركات الطاقة العالمية    المجلس الشعبي الوطني: لجنة الصحة تستمع إلى المدير العام للهياكل الصحية بوزارة الصحة    اختتام أشغال مؤتمر "الجزائر المتصلة 2025"    تربية وطنية: انطلاق الجلسات المخصصة للاقتراحات المقدمة من طرف نقابات القطاع    نأمل في استقبال الرئيس تبون في طهران هذا العام    ادعاءات مالي باطلة هدفها تحويل الأنظار عن أزمتها الداخلية    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    تقنية الجيل الخامس لجعل الجزائر محورا إقليميا في تكنولوجيا المعلومات    الإحصاء أساس القرارات الصائبة لضمان الأمن الغذائي    دعوة المجتمع المغربي للانخراط في معركة مناهضة التطبيع    كبار مسؤولي الأمم المتحدة يدعون العالم إلى التحرّك العاجل    كيانات ودول معادية تجنّد طغمة باماكو ضد الجزائر    تلاحم الشعب مع جيشه يعكس صلابة الجبهة الداخلية    حجز 26 طنّا من الكيف و147 كلغ من الكوكايين    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    ورشة لتقييم نظام الأدوية واللقاحات    مزيان يستقبل وفدا عن سي آن آن    ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء    الجزائر محمية باللّه    المغرب : إضراب وطني في جميع الجامعات للمطالبة بإسقاط كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني    أجواء الجزائر مُغلقة في وجه مالي    ملتقى حول "تعزيز الجبهة الداخلية والتلاحم الوطني" بالنادي الوطني للجيش    مشاكل التسويق ترهن جهود الماكثات في البيوت    "الطبيخ".."المحلبي" و "البالوزة" إرث محفوظ بقسنطينة    إبراز أعمال المؤرخ الجزائري الراحل عمر كارلييه    مواصلة رقمنة المخطوطات والمؤلّفات النادرة ضرورة    مدرب مرسيليا يؤكد عودة غويري في لقاء موناكو    "السياسي" متحمس للعودة بالتأهل من العاصمة    بالإصرار والعزيمة التأهل ليس مستحيلا    إحياء التراث الموسيقيّ وتكريم دحمان الحراشي    اليوم العربي للمخطوط: لقاء علمي بالجزائر العاصمة حول حفظ وصيانة المخطوطات    فنزويلا "ضيف شرف" الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقي السيمفونية    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    برج بوعريريج.. توزيع قرابة 3000 مقرر استفادة من إعانات البناء الريفي قريبا    ترامب يطلق حرب التجارة العالمية    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح في حادث مرور بخنشلة    جازاغرو 2025 : 540 مؤسسة في مجال الصناعات الغذائية والتعليب والتغليف تعرض منتوجاتها    المغرب : مناهضة التطبيع والاختراق الصهيوني معركة حقيقية تستوجب انخراط جميع شرائح المجتمع    حج 2025 : تسخير مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج عبر مختلف بلديات ودوائر الوطن    المغرب: تسويف حكومي يهدد القطاع الصحي بالانفجار والعودة الى الاحتجاجات    توقيف مهرب مغربي وبحوزته 120 كلغ من المخدرات بفرنسا    الجزائر تقرر غلق مجالها الجوي أمام مالي    الوصاية تصدرعقوبة مالية ضد قناة "الشروق تي في    وفاة شخص وجرح 204 آخرين في حوادث المرور    شرطة الطارف تطلق حملة تحسيسية للوقاية من آفة المخدرات    هذا جديد البكالوريا المهنية    مختصون وباحثون جامعيون يؤكدون أهمية رقمنة المخطوطات في الحفاظ على الذاكرة الوطنية    مواي طاي (بطولة افريقيا- 2025- أكابر): مشاركة 12 مصارعا في موعد ليبيا المؤهل إلى الألعاب العالمية- 2025 بالصين    تنظيم الطبعة الأولى من 12 إلى 15 أفريل    كأس الكونفدرالية/ربع نهائي إياب: شباب قسنطينة يتنقل هذا المساء إلى الجزائر العاصمة    الشباب يستعيد الوصافة    تصفيات مونديال سيدات 2026 (أقل من 20 عاما): المنتخب الجزائري يجري تربصا تحضيريا بسيدي موسى    بحثنا سبل تنفيذ القرارات الخاصة بتطوير المنظومات الصحية    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنع حوّل الاحتجاج من سلوك حضاري إلى مظاهر للعنف : هل يسترجع المواطن الحق في الاحتجاج السلمي؟

قوّضت حالة الطوارئ المعلنة في الجزائر منذ 1992 كل مظاهر حرية التظاهر والتجمع التي خولها الدستور لمختلف فعاليات ومكونات المجتمع في بلادنا. وعلى الرغم من أن دستور فيفري 1989 أقر حق التظاهر صراحة في المادة 41 التي تنصّ على أن ''حريات التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع مضمونة للمواطن''، إلا أن العامل الأمني الذي تختفي وراءه الدوافع السياسية مازال يحد من حق ''المواطن'' كما جاء في الدستور من حق التظاهر.
وباستثناء المسيرات ''العفوية'' التي تبرز في مناسبات بين الحين والآخر، فإن كل من خرج عن عباءة السلطة فهو حرام، وهي الفتوى التي توارثها وزراء الداخلية المتعاقبون على الكرسي الأكثر أهمية وحساسية وخطورة في مقاعد الحكومة. وتظهر النصوص الصادرة ضمن قانون حالة الطوارئ كيف تم منح وزير الداخلية والجماعات المحلية والولاة ضمن اختصاص أقاليمهم الصلاحيات الواسعة من أجل مراقبة هذا المظهر السياسي الهام في بلادنا، حيث إن المادة 7 من المرسوم الرئاسي رقم 9244 في 9 فيفري 1992 أغلقت المجال أمام كافة محاولات الاجتهاد السياسي التي يهدف إلى إحداث ثغرة قانونية في المنع المقنن لحق التظاهر، إذ إن هذا المرسوم الذي يعتبر تنفيذا لمواد قانون الطوارئ ، يؤهل وزير الداخلية والجماعات المحلية، والوالي المختص إقليميا، للأمر عن طريق قرار، بالإغلاق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية، وأماكن الاجتماعات مهما كانت طبيعتها، وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها الإخلال بالنظام والطمأنينة العمومية، ولأن الصياغة في مجملها فضفاضة فإن مجال التظاهر والتجمعات خضع منذ 18 سنة إلى الحلقة الضيقة نفسها التي أحكمت قبضتها على كل حركة سياسية مثلما يجمع على ذلك كل المتابعين للشأن السياسي. وشكلت أحداث ربيع 2001 ومسيرة العاصمة، التي نظمتها حركة العروش وانتهت بحريق ''روما''، مرجعية ''تخوفات'' أمنية وسياسية جديدة، أدت إلى المزيد من المنع، حيث أصدرت الحكومة بعد ذلك قرارها الشهير القاضي بمنع التظاهر في العاصمة، دون تحديد تاريخ لوقف المنع أو التراجع عنه.
ونتيجة هذه الترسانة القوية من قوانين الاعتراض والمنع، وعوضا أن يتحدد دور الإدارة في مرافقة تفاعلات المجتمع سياسيا واجتماعيا، فإنه تحول إلى حارس على الخطوط الحمراء لقوانين المنع التي جاءت بها حالة الطوارئ.
هذا الدور الجديد دفع بالتشكيلات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والتنظيمات النقابية والمهنية إلى التراجع شيئا فشيئا عن استخدام ''الشارع'' كقوة سياسية أو وسيلة.
وبدا واضحا أنه من المستحيل إشراك المواطن في عملية التفاعل السياسي باستثناء أيام الانتخابات وفي بعض المناسبات ''العفوية'' التي لا تخضع لتلك الترسانة القانونية.
وكنتيجة منطقية لهذا الأسلوب فإن العديد من التشكيلات السياسية لجأت بشكل واضح إلى ولوج عالم الاحتجاجات الاجتماعية والنقابية، حيث تمكنت من الفوز بالعديد من الضربات القاضية على الحكومة في مناسبات عدة.
وواضح أن قرابة عقدين من المنع والاعتراض على كل ما يمكنه أن ينمي ثقافة الاحتجاج السلمي والتظاهر الحضاري بلور أسلوبا جديدا لدى المواطن الجزائري تجسد في مظاهر الاحتجاج العنيف والحرق والتدمير وهو ما تابعناه في العديد من ولايات الوطن.. وهران، الشلف مغنية، بوكانون في الحدود مع المغرب، صيف 2009 بالغزوات، انتفاضة سكان ديار الشمس.. والعديد من ولايات الوطن.
ويجزم العديد من المتتبعين بأن الجزائر لو كانت تعيش وضعا طبيعيا فيما تعلق بحرية التظاهر والتجمع ما عرفت تلك الاحتجاجات تكسير زجاج نافذة واحدة.
لذلك يمكن لنا وصف حالة العنف التي تبرز بها الحركات الاحتجاجية الاجتماعية بعدما اختفت الحركات الاحتجاجية السياسية برد الفعل الإستباقي، أي أن المواطن أصبح اليوم يفرض طريقته في التعبير والرد على ما يمكن أن يكون رفضا لمطالبه من قبل القائمين على حل مشاكله والاستماع إلى انشغالاته، وحتى الحكومة يبدو أنها انساقت وراء منطق الاحتجاج العنيف حيث، غالبا ما تقابله بالاستجابة السريعة لمطالبه وكأننا نؤسس اليوم لشرعية المطلب القائم على العنف على حساب المطلبية السلمية والملتزمة بالقانون.
وهكذا تحول الحق في المسيرات الاحتجاجية السلمية إلى أمر واقع اسمه الاحتجاجات العنيفة التي تنتهي بالتكسير والتخريب ثم الاعتقال. اليوم، وبعد نحو 18 سنة من المنع المقنن للتظاهر، يتجه المجتمع نحو المزيد من السلبية في التعاطي مع الطرق القانونية للتعبير عن المشاكل والانشغالات، بعدما أدت حالة المنع المستديم للتظاهر والتجمع إلى المزيد من العنف والاحتجاج الدموي للتعبير عن أبسط المطالب الاجتماعية، في الوقت الذي يعبر الاحتجاج السياسي بأشكال أخرى أكثر دراماتيكية عن مطالب أصحابه، غالبا ما نقرأها في عناوين الأخبار التي تشكل صدمة للمجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.