فضّل المغرب إعادة إخراج سيناريو الأزمة في العلاقات الباردة مع الجزائر، تزامنا مع تواجد محمد السادس في مدينة وجدة المتاخمة للحدود الجزائرية. وقد أصدرت الخارجية المغربية بيانا الخميس الماضي، ترد فيه بتحامل كبير على بيان الخارجية الجزائرية، الذي أعاد التذكير بشروط إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين. بيان الخارجية المغربية الذي نشرته وكالة المغرب العربي أول أمس الخميس، كرّس المنطق المخزني للرؤية المغربية لمستقبل العلاقات بين البلدين. فالخارجية المغربية استغربت كثيرا ورود ملف الصحراء الغربية ضمن شروط إعادة فتح الحدود بين البلدين، التي جاء بها البيان الذي وقعه الناطق الرسمي للخارجية الجزائرية في معرض رده على وقفة المحامين وكلمة نقيب المحامين العرب في مدينة السعيدية المغربية بتاريخ 8 جوان الجاري. وقبل التفصيل في التحامل المغربي على الموقف الجزائري، فإن بيان الخارجية المغربية ندد بالموقف الجزائري الأخير واعتبر الشروط غير مفهومة، وكأن طلب الجزائر كف المغرب عن إغراقنا بالمخدرات شرط غير مفهوم، أو الكف عن المناورات والحملات ضد الجزائر طلبا غير مفهوم، ومن المفارقات أن بيان المغرب اعتبر أن "مجرد وضع شروط أحادية الجانب لتطبيع العلاقات الثنائية، يعد ممارسة ماضوية وتعكس ثقافة سياسية تعود لحقبة عفا عنها الزمن في تناقض تام مع متطلبات وآفاق القرن ال 21"، لكن "المغرب" لا يرى في احتلال بلد وشعب وتشريد مواطنيه ومطاردتهم أي علاقة مع ممارسات الماضي، وكأن الاحتلال المغربي للصحراء الغربية عملا حضاريا. ومن الواضح أن الخارجية المغربية، ومن ورائها نظام المخزن يريدان الإبقاء على العدو الوهمي في مخيلة المغاربة لصرفهم عن معركتهم ضد العبودية والتخلف والفساد. وإذا كان المغرب يرى في وقف إغراق الجزائر بالمخدرات شرطا غير مفهوم، فلماذا لا يقولوا لنا من هو الطرف الذي يقف وراء هذا الكم الهائل من السموم التي تحاول العبور إلى عمق الجزائر؟، هل يمكن لنا أن نفهم كيف تعبر أطنان المخدرات من عمق الريف المغربي إلى غاية الحدود المشتركة بين البلدين؟، هل يمكن لنا أن نفهم كيف يريد المغرب الضغط على المواقف الرسمية للجزائر باستعمال كافة الوسائل لتحوير المواقف الجزائرية اتجاه قضايا تصفية الاستعمار، ونحو القضية المبدئية للشعب الصحراوي الذي يكافح النظام المخزني الذي يحتل أرضه ويكمم أفواه الأحرار المطالبين بالحرية؟ لقد جاء بيان الخارجية المغربية ليعقّد مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين، وهو ما يسعى المغرب وراءه، فهو يدرك أن الإبقاء على العدو الوهمي وخلق صراع قائم على معادلة الحدود المغلقة مع الجزائر يخدم المخزن. وإذا كان المغرب يريد علاقات طبيعية مع الجزائر، فلماذا لا يدعو لحوار حول كل الملفات العالقة مع الجزائر؟