أعتقد أنه لن يستطيع فعل شيء.. سوى أن يستقيل.. إذ لا يوجد لديه خيار بديل.. سوى المواجهة مع الجيش.. وهذا أقصى ما تتمناه (المعارضة).. وتدفع إليه منذ البداية.. أعني منذ انتخاب محمد مرسي رئيسا لمصر.. وهو خيار لا تتبناه جماعة الإخوان المسلمين.. ويرفضه مرسي نفسه.. ولا أعتقد أنه سيقدم عليه. فكل مواجهة من هذا النوع.. أعني مع الجيش.. ستنتهي حتما بعزل الرئيس نفسه .. أي بترتيب انقلاب ناعم.. تحت غطاء الشرعية الشعبية.. التي وفرتها (المعارضة).. وحشدت لها منذ سنة تقريبا. ف 48 ساعة ليست وقتا كافيا للتفكير والاتصال والاتفاق مع معارضة.. تصرح علانية أنه (لم يعد بالإمكان القبول بأي حل وسط ولا بديل عن الإنهاء السلمي لسلطة الاخوان).. فلو كان في نية هذه المعارضة أن تجلس مع الرئيس لفعلت ذلك منذ سنة.. بل على العكس.. رأيناها.. تدعو مرسي أن يتنازل عن الرئاسة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية ل (حمدين صباحي) . *** هل يوجد طرف آخر معني (بتلبية مطالب الشعب المصري العظيم) غير الرئيس؟ هذا الطرف غير موجود.. فالمعارضة تدعو الجيش والشرطة والقضاء.. صراحة.. وباسم الشعب المصري.. (أن ينحازوا بشكل واضح إلى الإرادة الشعبية..).. بل وتتساءل : (أين القوات المسلحة ؟).. وتهتف أمام قصر الاتحادية : (انزل يا سيسي مرسي مش رئيسي) !!.. وهي ذات المعارضة التي تهدد وتدعو صراحة إلى (بدء عصيان مدني). الحاصل أن المعني الوحيد هو الرئيس.. المطالب عسكريا.. بمخاطبة نفسه.. أي أن يجلس في " الاتحادية ".. لينظر في المرآة.. وحين لا يجد أحدا يكلمه.. يرسل خطاب استقالة للجيش.. وينتهي الأمر . لا جماعة الإنقاذ معنية بفعل شيء.. ولا حركة تمرد - كما تسمي نفسها -.. لديها الوقت الكافي لإعادة النظر في مطالبها المصبوبة في قالب كلسي.. تم تجفيفه على نار الشارع.. ولا "الفلول" المتسللة.. تغفر للثورة المصرية أنها عرتها ورمتها في الشارع.. ولا القوى الإقليمية والدولية التي ماانفكت تتآمر على الرئيس.. وتبعثر في طريقه الأشواك والمتفجرات . هل نجحت خطة المعارضة الانقلابية في تحقيق هدفها غير المعلن؟ أعتقد ذلك.. لا لأنها قوية أو ذكية.. بل لأنها لا تعتنق مبدأ الديمقراطية.. فهي بتقديري انتهازية بالأساس.. ولا تؤمن بديمقراطية الصندوق.. بقدر ما تسعى وراء ديمقراطية الصالونات.. ويزعجها أن يحكم رئيس إسلامي ينتخبه الشعب المصري. هذه المعارضة.. التي ركبت موجة الثورة.. وعندما وجدت نفسها خارج الصندوق.. كانت خطتها.. أن يعود الجيش (كطرف رئيسي فى معادلة المستقبل).. وقد عاد رغم نفيه في بيانه الأخير أن يكون.. (طرفاً فى دائرة السياسة أو الحكم..).. وأن تكون له الكلمة الفصل.. وقد تحقق ذلك.. بأن أعلن هذا الجيش.. أن لديه (خارطة مستقبل وإجراءات..).. وأن يكون جادا وصارما بأن لا (يتسامح أويغفر لأي قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها).. ومن تكون هذه القوى.. غير هذا الرئيس المسكين.. الذي قادته الأقدار.. إلى مستنقع الأوحال . والنتيجة : ثمة انقلاب ناعم.. من ترتيب المعارضة.. وتنفيذ الجيش.. انقلاب على الثورة.. التي أخرجت العسكر والفلول من النافذة.. فإذا بهما يعودان من الباب .