في إجابات الرجل .. صرخة يجب أن نسمعها .. وإشارة يجب أن نتتبع مسارها .. وورم خبيث يجب استئصاله .. هذه مهمة جميع الجزائريين .. الذين إن هم خسروا وطنهم .. لن يجدوا وطنا بديلا يذهبون إليه.. ورد في الحوار .. أنه منذ فُتح رأس مال المؤسسة الجزائرية لاستغلال مناجم الذهب في 2002 أمام الشريك الأسترالي المسمى "جي آم آي" .. وإلى غاية اليوم .. تكبدت خزينة الدولة خسائر بمقدار مليار دولار .. انتهت في أغلبها بصورة أو بأخرى في جيوب الأستراليين .. الذين نهبوا كل شيء .. ومضوا في حال سبيلهم. هل تتصورون هذا المبلغ بسيطا ؟ قد لا يعني شيئا .. بالنسبة إلى من لا تزعجهم السرقات .. لكنه يكفي لانتشال دولة من الإفلاس .. وإعالة ملايين الفقراء .. واستحداث عشرات الآلاف من فرص العمل .. ونحن بحاجة إلى كل هذا. ألم تكن الحكومة في التسعينيات تلهث وراء صندوق النقد الدولي .. ليقرضها عدة ملايين .. فيفرض عليها شروطا .. ترتد بها إلى نقطة الصفر؟. من يحمل المفتاح ؟ لا يسرق اللص إلا إذا توفر على كامل المعلومات عن محل السرقة .. وفي أغلب الأحيان بتواطؤ من الداخل .. لذا يستحيل أن ينهب ويبدد الأستراليون وشركائهم الجزائريون .. مبلغ مليار دولار .. دون أن يُرتبوا الأمر مسبقا .. أعني كيف يستولون على المال .. وكيف ينسحبون بالكنز مطمئنين. الذين جاؤوا بالشركة الإيطالية "جي آم آي" لتكون شريكا .. وفتحوا لها الأبواب .. (كانوا على دراية بأن هذه المؤسسة لا تمتلك مالا ولا خبرة ، بل تم إنشاؤها قبيل أسابيع قليلة فقط من فتح أسهم إينور، وهذا تأكيدا على أن مهمة الاستراليين في الجزائر كانت واضحة منذ البداية، ونيتهم كانت النصب والنهب، ومع هذا وجدوا كافة التسهيلات وكانوا بعيدين تماما عن الرقابة) .. إن من بيده المفتاح .. هو من فتح الباب للناهبين كي يدخلوا. عتبة النار ! يقول صاحب الحوار .. (كل التحقيقات كانت تتوقف عند حد أو جهة معينة لا يمكن تجاوزها) .. نود أن نعرف هذه الجهة التي تقف كجدار صد أمام كشف الحقائق .. وتعرية اللصوص .. وتتولى توفير الملاذ الآمن لعصابات السرقة.. لماذا لا يلقى القبض على هؤلاء؟ .. و تنشر أسماؤهم ليعرفهم الناس .. ومن يدري فقد يكونون من الجهات المنوط بها .. حماية الاقتصاد الوطني ؟ رئيس الجمهورية شخصيا أمر بفتح تحقيق .. إلى جانب النيابة العامة .. ومديرية الاستعلامات والأمن .. لكن لا أحد من هؤلاء اجتاز عتبة النار. نريد أن نعرف .. من يملك كل هذه السطوة والنفوذ .. حتى يعطل عمل القضاء ؟ وللإيغال أكثر في المغارة .. يصرح صاحب الحوار أن (هناك صراع أجنحة حاليا) .. وهذا يعني أننا عالقون بين قرني ثور .. فإذا ما تصالح القرنان .. وهدأ الثور .. ذهب كل شيء مع الريح. الدولة الصحيحة لا تحكمها الأجنحة .. بل يضبطها القانون والمؤسسات .. أما أن نحارب اللصوصية والتخريب .. بمنطق تصفية الحسابات .. فهذا جهد ضائع. شكيب .. في كل مكان ! يخطئ من يعتقد أن شكيب خليل يسرق وحده .. أو يسرق دون تواطؤ من غيره .. شكيب هذا عنوان لمشكلة عويصة .. هو رقم كبير دون شك .. لكنه رقم تصطف إلى جانبه أرقام أخرى .. لا تقل أهمية وقوة .. ومجموع هذه الأرقام يمثل شبكة متراصة من اللصوص الظاهرين .. وأولئك الذين يقفون في الخلف كأجهزة دعم وإسناد. ورد في الحوار أن (شكيب خليل يتحمل قسطا من المسؤولية، لكن هناك جهة أخرى كانت تغطي على ما يحدث داخل مؤسسة استغلال مناجم الذهب) .. من هي هذه الجهة ؟ وما دورها ؟ وأين توجد تحديدا ؟ الأسئلة العالقة في الجزائر .. أكثر بكثير من الأسئلة التي نملك إجابات عنها .. و من ذلك: من هم هؤلاء الذين جاؤوا ب "شكيب خليل" ومكنوه من رقبة الاقتصاد الوطني .. فسرق النفط والذهب ؟ .. ألم يكونوا يعلمون أنهم وضعوا ذئبا في زريبة الحملان ؟ .. وهل تنحل خيوط العقدة .. يوم يؤتى ب "شكيب خليل" .. ليقول ما عنده ؟ يسرقون كل شيء هناك لصوص يسرقون أشياء محددة .. أي متخصصون .. وهناك لصوص يسرقون كل شيء .. كل ما يمكنهم بيعه أو تحويله إلى حساب بنكي .. يصبح عرضة للسرقة والنهب والغصب .. وعندنا يسرقون كل شيء .. ويهربون كل شيء .. ويستوردون كل شيء .. من البنزين إلى الأسلاك الكهربائية .. إلى العمولات القذرة .. إلى الصفقات المغشوشة .. إلى الذهب .. فلا شيء يسلم من أيديهم. سؤال يُطرح: ماذا أصاب هؤلاء الناس ؟.. هل بلغ هوس السرقة والنهب وتبديد المال العام حدا .. تحولت معه الجزائر إلى مباءة لكل الشياطين .. بل أضحت جنة عدن للمافيا العابرة للقارات ؟ لا يكفي أن يسرق الجزائري .. بل يستعين بغيره .. لينهب دولته وشعبه .. وعندما تنزل المافيا بيننا .. تتصرف وكأنها غير محكومة بقانون. يقول صاحب الحوار .. (إينور لم تكن تملك أي سلطة أو قرار لأن الأستراليين يمتلكون حصة 52 ٪ من الأسهم ، وبالتالي هم من يتحكم في مجلس الإدارة ) .. ويذكر أن (جي آم آي كانت تتحايل بعدة طرق .. فتجري تحويلات مباشرة بدعوى استيراد تجهيزات .. فلا التجهيزات تصل .. ولا المال المهرب يعود .. وتحول الذهب الخام إلى سويسرا بحجة تنقيته من الشوائب، بالرغم من امتلاك الجزائر معدات تنقيته هنا) .. وتبقى هذه عينة من الحيل المعتمدة .. ولكم أن تصدقوا أو تكذبوا .. فهذا شأنكم .. وإن كان هذا ما يحدث بالضبط. بقية ضمير حي لا يخلو هذا الوطن من الشرفاء .. قد يكونوا قلة .. لكنهم يظلون بمثابة الضمير الحي للأمة .. يقول صاحب الحوار في سياق حديثه عن المضايقات التي تعرض لها (عندما رفضت التوقيع بصفتي مديرا جهويا على التقرير الذي أعدوه يعني الشركاء اللصوص وفيه أن منجم تيراك قادر على تزويدنا ب 3 أطنان من الذهب في السنة... وقلت إن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إشاعة أطلقها الأستراليون للنصب علينا، اتهمت بإفشاء سر المهنة وتم توقيفي عن العمل وكنت المدير الجهوي الثاني الذي تتم إقالته بسبب رفض ما كان يحدث من تلاعبات) . ويقول إنه كلما عرض الأمر على مسؤول أرفع منه .. جوبه بتلك العبارة النمطية (هذا ماشي شغلك) .. بل ويهُدد بالسجن إن لم يستقيل ! ومن الطرائف المؤلمة .. أن المعني اكتشف أن فواتير المقابس الكهربائية كانت تسعر ب 100 ضعف سعرها الحقيقي .. فانتقل شخصيا (إلى أحد العناوين المدونة في الفواتير باعتبارها شركة إنتاج مواد كهربائية، فاكتشف أن المؤسسة وهمية ، ووجد مكانها معصرة زيت مهجورة). أسئلة عالقة متى تتوقف هذه السرقات ؟ ومتى تسترد الدولة مصداقيتها ؟ ومتى يقول القضاء الموقر كلمته ؟ عندما لا نجيب على هذه الأسئلة .. إما بسبب التهرب .. أو بسبب العجز .. أو بداعي اللامبالاة .. نكون بعيدين جدا عن "الحكم الراشد" .. وعن الدولة التي يملكها الجميع .. ويدافع عنها الجميع.