اعتبر تقرير المرصد الاقتصادي العالمي أن الهجوم الذي تعرضت له منشأة استخراج الغاز في تيڤنتورين بعين أمناس شهر جانفي الماضي كان لحظة فارقة في إنتاج وتصدير هذا المورد الطاقوي الذي يعتبر من أكثر الثروات التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني، حيث كانت له انعكاسات كبيرة على نشاطات الشركات التي تعمل في هذا المجال خاصة الشركتين الأجنبيتين الشريكتين للشركة الوطنية سوناطراك "شتات أويل" النرويجية و"بريتيش بيتروليوم" البريطانية اللتين رفضتا العودة الى المنشأة تحت ذريعة المخاوف الأمنية التي يمكن أن تشكل خطرا على عمالهما. لكن التقرير أشاد بالتحرك السريع للسلطات الجزائرية من أجل تدارك هذا المشكل الكبير، حيث تعاقدت مع شركة "ريبسول" الإسبانية، التي أعلنت عن اكتشافها احتياطيات معتبرة من الغاز في منطقة قريبة من المنشأة التي تعرضت للاعتداء الإرهابي. لكن التهديدات الأمنية ليست وحدها ما يقف في طريق الغاز الجزائري لتصديره نحو الخارج، حيث أشارت معطيات المرصد الاقتصادي العالمي الى أن استغلال هذه الطاقة في إنتاج الكهرباء، تزيد من الكميات الموجهة للتصدير، حيث أشارت تقديراته إلى أن ترتفع نسبة الاستهلاك المحلي من 48.6 تيراواط ساعي عام 2012، الى 78.8 تيراواط ساعي في نهاية سنة 2022، أي بزيادة سنوية قدرها 4.9 بالمائة، وهي النسبة التي يمكن أن تزيد في السنوات المقبلة نظرا لوجود مشاريع إقامة محطات إنتاج جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية باستعمال البترول والغاز. ورغم هذه المؤشرات حول زيادة الاستهلاك المحلي للغاز، يرى التقرير أن الجزائر مازالت تحتل موقعا قويا ضمن الدول المصدرة للغاز في العالم، حيث تعتبر من أهم مموني الاتحاد الأوروبي بهذه الطاقة، بالإضافة الى إمكانية إبرام صفقات تصدير مماثلة الى دول بعيدة نسبيا مثل الهند وباكستان، حيث عرقت المفاوضات مع هذين البلدين تقدما كبيرا خلال السنة الجارية. وكشف التقرير أن الجزائر تحاول التحرر من التبعية للموارد الطاقوية المستخرجة عبر التوجه إلى الطاقات المتجددة، التي بدأت تفكر فيها بصورة جدية، وأقامت شراكة مع إسبانيا في هذا المجال. كما وجه المرصد الاقتصادي العالمي انتقادات لقانون الاستثمار الجزائري، وخصوصا قاعدة 51/49، التي توجب حصول الطرف الجزائري على أغلبية المساهمة في المشاريع مع الأطراف الأجنبية، وهو ما اعتبره معوقا أمام الشركات الكبرى التي تحاول الاستثمار في قطاع الطاقة الجزائري. وتتفق تقديرات هذا التقرير مع تقرير مماثل أنجزته جامعة "أوكسفورد" البريطانية قبل أسابيع حيث أشار الى صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي المميع الذي انخفض من 25.75 مليار متر مكعب في 2005 إلى ما يقل عن 15.3 مليار متر مكعب في 2012، أي بتراجع 40 بالمائة لقلة الإنتاج من جهة والزيادة الكبيرة في الاستهلاك الداخلي للطاقة من جهة أخرى، حيث ارتفع ب30 بالمائة بالنسبة إلى الغاز، و50 بالمائة للنفط، مشيرا الى أنه في حالة الاستمرار على هذه الحالة فإن الاقتصاد سيعاني من اختلال في الميزان التجاري.