انتهى حلم المونديال بالنسبة للجزائريين بعد انهزام الفريق الجزائري أمام الفريق الأمريكي، لكن بقيت الكثير من الدروس والعبر التي جمعت الجزائريين حول كرة القدم، أولها الاعتزاز بالألوان الوطنية بانتشار الأعلام الوطنية فوق شرفات المنازل وتعليقها على السيارات، ولبس البدلات الرياضية ذات الألوان الوطنية، وكل ذلك من باب الاعتزاز بما حققه الفريق الجزائري من نتائج إيجابية بتأهله لنهائيات الألعاب الإفريقية ومونديال جنوب إفريقيا· وما زاد من تشبث الجزائريين بالأعلام الوطنية أحداث مطار القاهرة وأم درمان، حيث أصبح التأهل للمونديال بعد الاعتداء على البعثة الرياضية والدبلوماسية في مطار القاهرة قضية شرف وسيادة بالنسبة للجزائريين، وبذلك اختلطت الرياضة بالسياسة وغابت الروح الرياضية في حرب إعلامية تشبه حرب داحس والغبراء، بطلها إعلاميون مصريون في قنوات يقف وراءها رجال أعمال كان همهم أن يصل الفريق المصري لتصفيات المونديال لتحضير ترشح جمال مبارك لرئاسيات ,2011 واعتبار مشاركة الفريق المصري في جنوب إفريقيا البوابة الشرعية لتوريث السلطة على أساس أنه انتصار ساهم فيه جمال مبارك بحضوره الدائم في المدرجات أو أثناء التدريبات·انتهى حلم المونديال بالنسبة للجزائريين ولكن لم تنته معه الدروس والعبر، ومنها أن الجزائريين بحاجة لانتصارات تشدهم إلى الرموز الوطنية، هذه الانتصارات لا يجب أن تقتصر على كرة القدم التي هي منافسة رياضية ترفيهية لمجتمع وصل إلى تحقيق الرفاهية الاجتماعية والاستقرار السياسي، فالمجتمع الجزائري يجب أن يركز على مستقبله ومستقبل دولته القائمة على ما نصدره من محروقات، وهو عائق وتحدي لنا جميعا لأن الثروة النابضة تشكل تهديدا للدولة أكثر من مصدر أمن للمجتمع والدولة معا، وأهم ثروة لا متناهية تستثمر فيها الدول المتقدمة تتمثل في الثروة البشرية من خلال تحسين مستوى التربية والتعليم، كركيزة لأي تغيير يطمح لبناء دولة قوية ولدينا في النموذج الآسيوي في اليابان وماليزيا وكوريا الجنوبية عبرة لتحقيق الانتصارات اللامتناهية قد تغير من نمط تفكيرنا وسلم قيمنا التي لا تزال حبيسة الحلم الثلاثي للنجاح، أن تهاجر أو تتاجر أو تلعب الكرة مثل ماجر، وفي النماذج الثلاثة لحلم الانتصار لا يوجد بين الذي يغامر للهجرة الانتقائية أو الهجرة غير الشرعية أو الذي يغرف من المال العام ليصبح مستوردا وبارونا في التجارة أو الذي يتفنن بكعبه ورجله في كرة القدم، أية مكانة للمتعلم في مجتمع أصبح لا يقدر حق المعلم في وظيفة التربية، ابتداء من إهانته بالراتب الزهيد الذي يضطره كما تشير تقارير البنك العالمي إلى البحث عن مصدر رزق آخر خارج قطاع التعليم لاكتمال ثلاثة أرباع الشهر، لأنه ببساطة الأجرة لا تغطي إلا ثلث حاجيات أسرة المعلم· ويكفي أن نعيد قراءة مسار حلم المونديال لنتذكر بأن إضراب المعلمين من أجل تحسين وضعيتهم الاجتماعية والمادية تم تغطيته بحلم الفريق الجزائري، قد يكون توظيف سياسي لقطاع حيوي لا يزال يتخبط في مشاكله اليومية، لكن نطرح هنا سؤال بريء للإعلام الحر والنزيه، كم صرف الفريق الوطني على تصفيات كأس إفريقيا وكأس العالم لإنجاز الانتصار الوهمي للمونديال؟انتهى حلم المونديال لكن لم تنته معه أحلام الجزائريين في كيفية إنجاز مشاريعه المستقبلية بغلاف مالي خصصت له الدولة الجزائرية 286 مليار دولار إلى غاية ,2014 فهل نملك فريقا حكوميا قادرا على إقناع الشعب الجزائري بأن لديه من فنيات اللاعبين الجزائريين وإرادتهم ما يجعل كل مواطن يبقى يعتز بألوانه الوطنية وانتمائه لدولة تعمل على تحقيق النتائج الإيجابية في مشاريع السكن والمهن وتوفير الماء والغاز دونما ثمن، هذا هو التحدي الذي يبقى مطروحا على الدولة الجزائرية أن نستثمر في التفاف الجزائريين بكل فئاتهم وشرائحهم الاجتماعية في دفعهم نحو التنمية الحقيقية الموجودة في الموارد البشرية ورأسمالها التعليم من الابتدائي إلى التعليم العالي· أما كرة القدم فهي رياضة ترفيهية قد تقودنا للحلم دقائق في عمر الأمة، لكن الانتصارات اللامتناهية في التنمية المستدامة هي رأسمال الأمة الباقية·