مع بداية عملية جمع التوقيعات التي سيقوم المجلس الدستوري بمعاينتها والبت في صحتها، وبالتالي ثبوت شرعية الترشح للانتخابات الرئاسية سيكون عدد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية في الجزائر معدودين، ولا يتجاوز عددهم 7 أشخاص حسب تاريخ الجزائر مع الاستحقاقات الرئاسية منذ بداية عصر التعددية. ومع انحصار التنافس بين عدة وجوه، فإنها ستكون على مدار أيام طويلة مواضيع انشغال الرأي العام الذي سيكون على مواعيد يومية في الحملة الانتخابية على شاشات التلفزيون الوطني وأثير الإذاعات العمومية معهم شخصيا أو مع من ينوب عنهم لعرض برنامجهم والدعاية لها إضافة الى نشرات الأخبار من خلال تغطية الحملة الانتخابية لهم والتي ستغطي حملاتهم عبر أرجاء الوطني بالتساوي في المدة الزمنية الخاصة بكل مترشح، كما ستكون وسائل الإعلام الخاصة من صحف وقنوات تلفزيونية هي الأخرى مع الحدث من خلال تكييف مضامينها مع السباق الرئاسي والتركيز على المرشحين من خلال تغطية نشاطاتهم ومحاورتهم ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. هذا الاهتمام الإعلامي ب«فرسان المرادية" يجعل منهم نجوم الساحة الجزائرية بلا منازع يتفوقون حتى على نجوم الغناء والسينما في استقطاب الاهتمام الشعبي، حيث يجعل بروزهم الكبير على الواجهة والتواجد الكبير على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد المواطن البسيط حتى الذي ليست لديه ميولا للاهتمام بالشأن السياسي يعرف أدق التفاصيل عن حياة كل مترشح من ولادته الى دراسته والمسار السياسي الذي مر به ويكون هذا بمثابة اكتشاف لهذا المترشح الذي طرق اسمه كل الأسماع. غير أن هذا الكلام لا ينطبق على كل المتنافسين للرئاسيات، فبعضهم معروف لدى العام والخاص بفضل مسيرتهم في العمل السياسي والمناصب العامة التي تقلدوها على عكس آخرين يمثل الظهور بلقب مترشح للرئاسة بحد ذاته إنجازا كبيرا لهم مع إدراكهم أن ترشحهم النظري لهذا الاستحقاق تقابله صعوبة إن لم نقل استحالة في الواقع بالنظر الى الكثير من العوامل الذاتية المتعلقة بأشخاصهم مباشرة أو الى عوامل أخرى تتعلق بالساحة السياسية وقواعد لعبتها. فمساعي هؤلاء ليست مرتبطة بالرئاسيات التي ما هي إلا مناسبة للظهور ورسم صورة أمام الرأي العام في مناسبة لا تتكرر كثيرا ينالون فيها قسطا وفيرا من الأضواء تخرجهم من عالم الظل السياسي الذي مكثوا فيه طيلة السنوات الماضية ولم يغادروه إلا نادرا، في محاولة لاستعمال هذا الزخم خلال المواعيد المقبلة. وهو ما يبدو جليا في تصرفات العديد من المترشحين المفترضين الذين قد يترسم ترشحهم خلال الأيام المقبلة، حيث بدأوا في استعمال ورقة الظهور الإعلامي مبكرا من خلال الحوارات الصحفية والمواقف والبيانات الصادرة عنهم في محاولة منهم البروز في صورة القائد الذي له رأي وموقف في الأحداث والمستجدات، حيث فضل المرشحان المحتملان جيلالي سفيان رئيس حزب الجيل الجديد، والمستقل رشيد نقاز أن تكون الأزمة التي عرفتها ولاية غرداية في الأسابيع الأخيرة هي أول المحطات التي يطلون عليها على الشعب الجزائري قبل فترة وجيزة من استدعاء الهيئة الناخبة خصوصا وأنها كانت تتصدر الأحداث الوطنية مما يجعل أي تحرك من طرف أي شخصية يمر تحت مرصد الصحافة. ولم يدخر "نجوم" الرئاسيات الفضاء الإلكتروني والافتراضي في تسليط الضوء على شخصياتهم، حيث عرفت صفحاتهم الشخصية نشاطا كبيرا عبر رصد مختلف تحركاتهم عبر الأخبار المكتوبة والمصورة، والتي برز فيها توجه واضح نحو استعمال أسلوب الإثارة الذي يتلاءم مع مواقع التواصل الاجتماعي حتى تلقى انتشارا لدى الفئات الشابة. ولكن المتأمل في التهافت على الظهور الإعلامي أثناء الحملات الانتخابية بالجزائر قد لا تكون له جدوى في المدى البعيد إذا لم يتواصل الحضور والنشاط وعدم اعتماد منهجية السبات السياسي إلا في المواعيد الانتخابية، لأن الكثير من الشخصيات التي لطالما اعتادت محاولة الاستثمار الإعلامي للانتخابات هي اليوم تقريبا في هامش اهتمامات الجزائريين، بل وفي أحيان كثيرة موضع سخرية حيث يصفهم الشارع في أغلب الأحيان ب«الأرانب السياسية"، مما يشير الى أن الرأي العام في بلادنا لم يعد ينخدع بالظهور المرحلي بل يريد العمل الدائب والدائم والمبني على رؤية وقناعة واضحة. علي العڤون