- عثمان عريوات هو الفنان الوحيد الذي يتصل بي ويسأل عن حالتي من منا لا يذكر "أبو جمال" ذلك الشاب طويل القامة الذي رافق والدته الراحلة وردية حميطوش في رحلة عبر سيارة أجرة في الفيلم الشهير "الطاكسي المخفي" للمخرج بن عمر بختي، وكان لدوره في هذا العمل بصمة لا يزال الكثيرون يذكرونها حتى بعد مرور 26 عاما.. رابح ارزقي أو "عمي رابح" كما يحلو للكثيرين مناداته؛ يحدثنا في هذا اللقاء عن معاناته مع المرض وشعوره بالإقصاء من طرف المسؤولين، ونقمه على واقع السينما والدراما اليوم في الجزائر . - منذ متى وأنت تتواجد بمستشفى "تيقصراين" بالعاصمة؟ منذ عشرين يوما؛ وجئت هنا بفضل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وذلك لإجراء عملية أخرى على مستوى إحدى ركبتي وأتمنى أن تكون الأخيرة، فلقد تعبت من المرض وجو المستشفيات والشعور بالوحدة لأنه لا يزورني أحد سوى أفراد عائلتي ولا يسأل عن حالتي من عرفني من الفنانين عدا الفنان عثمان عريوات الذي يتصل بي عبر الهاتف ويحاول في البداية تضليلي بروح الدعابة المعروف بها حتى لا أعرفه؛ لكنني سرعان ما أتعرف على صوته ولهجته لأنني لا أحفظ رقم هاتفه.. منذ عام 2004 وأوجاع المرض تثقل كاهلي. - شاع مرارا خبر وفاتك.. فكيف كان رد فعلك في كل مرة؟ "يغمض عينيه ويطأطئ رأسه وكأنه ينام نوما عميقا لكنه سرعان ما يعود ليكمل حديثه".. قتلت مرتين منذ أن أصابني المرض وشيع خبر وفاتي ودفني في عدد من وسائل الإعلام.. لا سامح الله من فعل هذا، ففي المرة الأولى طلب مني رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ووزيرة الثقافة خليدة تومي أن أظهر في أي عمل فني حتى أكذب خبر وفاتي، وبالفعل شاركت في السلسلة الفكاهية "الحاج لخضر صاحب العمارة" فقط لأظهر حيا.. أما في المرة الثانية، تكفل أفراد أسرتي، وأقصد زوجتي وأولادي، بتكذيب الخبر لبعض من عامة الناس الذين كانوا يلتقون بهم في الأسواق والشوارع ويترحمون علي.. كان يزعجني أن أسمع هذا بل كنت أتحسر على حالي ولكني أعتب على الوزيرة تومي. - هل تقصد أنك تحمل وزيرة الثقافة مسؤولية ما تعانيه من إقصاء؟ نعم.. وأعتب عليها أنها تناستني ومنحت دعمها لأشخاص آخرين غير جديرين بالدعم. - من تقصد بهذا؟ برنامج مثل "ألحان وشباب" يمنح امتيازات لشباب فقط لأنهم شاركوا في مسابقة غنائية لن تضمن لهم الاستمرارية وأنا فنان قضيت 58 عاما في خدمة الفن وشرفت بلدي ومثلتها في الكثير من الدول، أين تحصلت على جوائز وشهادات تقديرية وزرعت الفرحة في قلوب الجماهير يكون هذا حالي.. أقول لتومي "شوفي خوك راه مغبون".. أقدر مسؤولياتها ولكنني جزء من هذه المسؤوليات.. طلبت عمرة ولم يتحقق طلبي.. أنا واحد من أعلام الفن في الجزائر.. مصطفى قصدرلي، نورية، كلثوم، فريدة صابونجي ولطيفة التي أطلقت علي اسم "أبو جمال".. أنا ابن المسرح الجزائري.. وبمناسبة الحديث عن المسرح؛ أترحم على روح الفقيد محمد بن ڤطاف.. فرغم أننا لم نكن نتفق، إلا أنني تأثرت لوفاته. - اشتهر اسمك من خلال فيلم "الطاكسي المخفي".. حدثنا عن هذه التجربة؟ يبتسم.. ويعود بذاكرته المنتعشة إلى عام 1988 سنة إنجاز فيلم "الطاكسي المخفي" للمخرج بن عمر بختي، لن أنسى تلك المشاهد التي جمعتني بأبطال العمل خاصة مع الراحلة وردية حميطوش وعثمان عريوات الذي كان يرتجل ويقول عبارات لم تكن موجودة في النص ولكنه وفق إلى حد بعيد في إضحاك الجماهير بتلك الجمل والعبارات.. أتمنى له الشفاء لأنه مريض أيضا. - هل تتابع ما يبث من أعمال درامية وسينمائية جزائرية؟ لا وأعرف أنها ليست أعمالا فنية كما أن هذا المجال أصبح يجمع "قش بختة"، كما نقول في اللهجة العامية، حيث صرنا نلاحظ أشخاصا لا علاقة لهم بالفن يكتسحون الساحة.