العزوني: "عدد مخالفات الاستعمال اليدوي للهاتف أثناء السياقة، لا يعكس الانتشار الواسع لهذه المخالفة" رئيس مكتب الإعلام بمديرية الأمن العمومي: "حوادث المرور قد تحدث في رمشة عين، فلا تتصلوا كي تصلوا" كشفت إحصائيات تحصلت عليها "البلاد" من مديرية الأمن العمومي بشاطوناف التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني أن مصالح الأمن سجلت 31140 مخالفة تتعلق بالاستعمال اليدوي للهاتف النقال سنة 2013، و1250 حالة تصنت للإذاعة أو للمكالمات بكلتا الأذنين، في حين أن القانون يسمح بالتصنت بأذن واحدة، وإن دلت هذه الإحصائيات فإنها تدل على إدمان غير مسبوق للجزائريين على الهاتف النقال، فبقدر ما ساهم هذا الأخير في "تسهيل حياتهم اليومية على جميع الأصعدة"، شأنهم في ذلك شأن باقي الشعوب، بات الهاتف النقال لا يفارق الجزائريين وكأنه جزء أو قطعة من جسمهم، معظمهم يمسكون به بين أيديهم طيلة ساعات اليوم، في المكتب، في الشارع، في الحافلة، أثناء مشاهدة التلفزيون، أثناء الأكل، وخلال العمل، وفي المقاهي، وفي البيت، والنساء في المطبخ أو خلال القيام بشغل البيت، وأثناء اجتماعات العمل... تجدهم جميعا يضعونه بجانبهم، على الطاولة، أو في أيديهم، حتى يكون أقرب ما يكون إليهم، ويحرصون على إلقاء نظرة عليه بين لحظة وأخرى، بل ويعترف معظم الجزائريين أنهم يضعون هاتفهم النقال تحت المخدة أثناء النوم، أو على مقربة من السرير، لإلقاء نظرة عليه كلما استيقظوا ليلا، أو لاستعماله، كمنبه، وبعضهم يستعملونه كمصباح يدوي في الظلام، والعديد منهم يكون هاتفهم النقال آخر شيء يراقبونه قبل الخلود للنوم، وأول شيء يراقبونه عند الاستيقاظ صباحا، وليس هذا فحسب، بل وصل إدمان الجزائريين على الهاتف النقال إلى درجة الزج بهم في "الممنوع"، حيث أننا نشاهد العديد من السائقين أثناء تجوالنا في الشوارع والطرقات لا يتوقفون عن الحديث في الهاتف النقال أثناء السياقة، بالرغم من أن قانون المرور يمنع ذلك، ويسارعون إلى إخفائه عند المرور بحاجز أمني أو بشرطي المرور، وقد أدى هذا إلى تزايد هائل في عدد المخالفات المرورية المتعلقة باستعمال الهاتف النقال أثناء السياقة. "البلاد" نزلت إلى الشارع وسألت السائقين، عن مدى التزامهم بعدم استعمال الهاتف النقال أثناء السياقة، وكانت إجابة، أن غالبيتهم لا يستطيعون مقاومة رنين هاتفهم النقال، دون أن يردوا على المكالمة، وحتى لو كان الرد يقتصر على بإبلاغ المتصل أنهم يسوقون السيارة، وأنهم سيعاودون الاتصال به حالما يتوقفون. "أغلب الجزائريين يتصلون بالزوجة، والأبناء أثناء السياقة" بل واعترف العديد من السائقين ل "البلاد" أن الفترة التي يقضونها في طريقهم من البيت إلى العمل أو إلى أي مكان يقصدونه، تعتبر بالنسبة إليهم فترة مثالية لإجراء كل الاتصالات التي يحتاجونها، قصد ربح الوقت، كما أن السيارات بالنسبة إليهم مكان هادئ وبعيد عن الضوضاء، ليتحدثوا بكل راحة، والعديد من السائقين لا يتوقفون عن الرد عن المكالمات طيلة فترة تنقلهم بالسيارة، بل ويقومون حتى بكتابة الرسائل، وتسيير أعمالهم في المكتب أو في الشركة، وتوجيه الأوامر والتعليمات للموظفين بواسطة هاتفهم النقال، وحتى إدارة شؤونهم العائلية بالهاتف، والاتصال بالزوجة، والأبناء، للاستفسار عما ينقص في المطبخ من أغراض ومشتريات، كل ذلك أثناء السياقة، وهذا لانشغالهم طوال اليوم بالعمل يجعلهم عاجزين عن التفرغ تماما لإجراء المكالمات، ولذلك ينتهزون الفترة التي يقضونها في الطريق لإجراء المكالمات، وغالبا ما يقوم السائق بالبحث عن الرقم في مذكرة هاتفه، وفي نفس الوقت يمسك بمقود السيارة ويراقب عبور الراجلين حتى لا يصدمهم، سير السيارات حتى لا يصطدم بها كل ذلك في آن واحد. وهو ما أكده لنا "سفيان. ف« مدير مؤسسة صغيرة بالعاصمة، ويملك سيارة قائلا "هناك مكالمات لا يمكنني عدم الرد عليها، حتى ولو كنت في اجتماع أطلب الإذن وأخرج للحظة لأرد عليها، أما إذا كنت أسوق السيارة فإنني أرد على المكالمات الضرورية فقط، كأن يتصل بي ابني أو زوجتي أو والدتي، لا يمكنني التوقف كلما تلقيت مكالمة، لأن الشوارع ليست مهيئة للتوقف في كل مكان، فأحيانا يتعذر علي التوقف". "أسعار جهاز بلوتوث السيارة تتراوح بين 12000 و18000 دينار، ومعظم الجزائريين لا يستطيعون شراءه" أما "لخضر. ع« وهو موظف في مؤسسة خاصة فيؤكد "أرد فقط على المكالمات الضرورية، فعندما يتصل بي مدير الشركة مثلا، لا يمكنني عدم الرد عليه، بحجة عدم السياقة، كما أنني أحيانا أضطر لاستعمال الهاتف للسؤال عن الطريق الذي أسلكه، أتصل بزوجتي للسؤال عن الأولاد أو أسألها ماذا تحتاج في المطبخ، وفي غالب الأحيان أقوم بوضع كاتم الصوت قبل أن أقلع بالسيارة، لأني أعلم أن الكثير سيتصلون بي أثناء الطريق، ومعظمهم أجد نفسي مضطرا للرد عليهم". «فاتح. ب« وهو أستاذ في الثانوية، يقول "أنتم تعلمون أن الهاتف النقال أصبح وسيلة ضرورية لإدارة شؤون الحياة، فإذا كان استعماله ممنوع في السيارة لابد من بديل يمكن استعماله لاستقبال المكالمات والرد عليها أثناء السياقة، والحل الوحيد هو البلوتوث، وأنا شخصيا إمكاناتي لا تسمح بشراء جهاز بلوتوث لأن ثمنه باهض، حيث يتراوح سعره بين 12000 و18000 دينار، ومعظم الجزائريين لا يستطيعون شراءه، وأرى أنه على متعاملي السيارات أن يجهزوا سياراتهم بجهاز بلوتوث لضمان السلامة المرورية". ويقودنا الحديث عن منع استعمال النقال أثناء السياقة والمخاطر التي يشكلها على السلامة المرورية، إلى الحديث عن السائقين الذين يقودون السيارات ويتناولون وجبة ما في نفس الوقت، أو يشربون القهوة أو يدخنون سيجارة وراء أخرى أثناء السياقة، وبل وتقوم بعض النساء بوضع مساحيق التزيين وتسوية تسريحتهن والتأكد من جمالهن، كل ذلك باستعمال مرآة السيارة، أثناء السياقة، وقد اعترفت الكثير من السائقات اللواتي تحدثنا إليهن في الشارع بذلك. 1250 حالة تصنت للإذاعة أو للمكالمات بكلتا الأذنين وقد أكد محافظ الشرطة ورئيس مكتب الإعلام والعلاقات العامة بمديرية الأمن العمومي رابح زواوي في لقاء خاص مع "البلاد" أن مصالح الأمن سجلت 31140 مخالفة تتعلق بالاستعمال اليدوي للهاتف النقال سنة 2013، و1250 حالة تصنت للإذاعة أو للمكالمات بكلتا الأذنين، في حين أن القانون يسمح بالتصنت بأذن واحدة، مؤكدا أن منع استعمال النقال أثناء السياقة، لم يتم عبثا، بل بسبب المخاطر التي يشكلها استعماله على السلامة المرورية، كونه يتسبب في إضعاف تحكم السائق في السيارة أثناء القيادة، وتشتت الانتباه وانخفاض التركيز على الطريق، وعدم ملاحظة مدلولات الإشارات المرورية، كما يتسبب في الاستجابة البطيئة لمصادفات ومفاجآت الطريق، وعدم ترك مسافة الأمان اللازمة، والتذبذب في انتظام سرعة المركبة، وضعف الرؤية من خلال التركيز على مضمون المكالمة وكذا على الاستعمال اليدوي للهاتف النقال، ويتسبب أيضا في انشغال السائق بالتفكير فيما بعد المكالمة، ولهذا يعتبر الاستعمال اليدوي للهاتف النقال مخالفة من الدرجة الثالثة يترتب عليه غرامة جزافية تقدر ب2000 دينار جزائري كحد أدنى، و4000 دينار جزائري كحد أقصى زائد سحب رخصة السياقة لمدة ثلاثة أشهر، وفي حال وقع حادث مرور بسبب الاستعمال اليدوي للهاتف النقال يعاقب المتورط بالحبس من ستة أشهر إلى غاية سنتين، زائد غرامة مالية تتراوح بين مليونين إلى 5 ملايين، مع تعليق رخصة السياقة لمدة سنتين، وفي حالة استعمال الهاتف النقال المؤدي إلى الوفاة يعاقب المتورط بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، زائد غرامة من 5 ملايين إلى 20 مليون، زائد تعليق رخصة السياقة لمدة أربع سنوات كاملة. وانتهى المتحدث إلى القول "ننصح المواطنين بالتقيد بقواعد السلامة المرورية وعدم الا ستهانة بمخاطر الهاتف النقال لأن حوادث المرور قد تحدث في رمشة عين، فاحترموا تحترموا، ولا تتصلوا كي تصلوا، ولا تنشغلوا بغير الطريق أثناء السياقة". العزوني: "تزويد السيارات بأجهزة تشويش حل أمثل للقضاء على تحدث الجزائريين في الهاتف أثناء السياقة" من جهته، صرح عميد الشرطة السابق الخبير في أمن الطرقات "محمد العزوني" في لقاء خاص مع "البلاد" حول هذا الموضوع أنه "مقارنة بين الردع والتحسيس، نجد أن مسؤولي قطاع النقل في الجزائر منذ عهد وزير النقل السابق عمار تو إلى يومنا هذا، كلهم يفتخرون بالنجاح الهائل الذي حققته الحملة الخاصة بإجبار السائقين على استعمال حزام الأمن، لكن أنا أقول لهم فشلتم في إجبار الجزائريين على عدم استعمال الهاتف النقال أثناء السياقة، فكل السائقين يتحدثون في الهاتف النقال، أثناء السياقة، خلسة عن عناصر الأمن وبعيدا عن الحواجز الأمنية، والفرق بين المخالفتين، حسب العزوني، هو أن مخالفة عدم استعمال حزام الأمن تعتبر طويلة المدى، ويمكن لعناصر الأمن رؤية السائق وضبطه متلبسا، لأن عدم ظهور الحزام يكشف السائق، أما مخالفة الاستعمال اليدوي للهاتف النقال فهي قصيرة المدى، وعناصر الشرطة لا يمكنهم رؤية السائق أثناء التحدث في النقال، لأن المخالفة في حد ذاتها هي كلام، والكلام شيء معنوي وغير مرئي". «عدد مخالفات الاستعمال اليدوي للهاتف أثناء السياقة، لا يعكس الانتشار الواسع لهذه المخالفة وسط الجزائريين" ولهذا، حسب المتحدث "فإن عدد المخالفات المتعلقة بالاستعمال اليدوي للهاتف النقال أثناء السياقة، وبالرغم من أنه رقم خطير، إلا أنه لا يعكس تماما الانتشار الواسع لهذه المخالفة وسط الجزائريين". وأوضح العزوني "الخطر خلال الحديث في الهاتف النقال أثناء السياقة يكمن في الخمس دقائق الأولى لأن درجة تركيز السائق على المكالمة خلال الدقائق الأولى تكون عالية جدا، كما يكمن الخطر في نوعية المكالمة التي يتلقاها السائق أو التي يقوم بها، فمثلا عندما تتصل به زوجته، وتقول له أسرع لأن ابنك سقط على السلم، يضطرب السائق، ويصاب بالتوتر، لكن عندما تتصل به لتطلب منه أن يحضر الخبز مثلا أو يشتري شيئا ما، فهذه المكالمة عادية، ولا تسبب له أي توتر، وعندما يتصلون به ليخبروه بأن بضاعته قد حجزت في الميناء، فهذه تعتبر كارثة بالنسبة إليهن مما قد يجعله يفقد أعصابه تماما أثناء السياقة"، وأضاف العزوني "ما أريد قوله إن المكالمات ليست كلها مثل بعض، ودرجة تركيز السائق تختلف من مكالمة إلى أخرى". "تركيز السائق على سماع المكالمة الهاتفية يجعله عاجزا عن التركيز على الطريق" وأضاف صاحب البرنامج التلفزيوني الشهير "طريق السلامة" المعروف باسم "الشرطي المخفي"، "ربما يتسائل الناس لماذا هناك خطر عندما يتكلم السائق في الهاتف النقال، ولا يوجد خطر عندما يستمع للموسيقى، أو عندما يتحدث مع الأشخاص الذين يرافقونه في السيارة؟ ألا يتسبب هؤلاء أيضا في تشتيت تركيزه، ويلهونه عن الطريق؟ ونحن نرد على ذلك بالقول "هناك الاستماع العابر، مثل الاستمتاع للراديو، أو الاستماع إلى حديث زميله الذي يركب بجانبه، وهذا الاستماع بنوعيه لا يشتت تركيز السائق، لأنه لا يحتاج إلى تركيز كبير لسماعه، أو للرد عليه، بينما حديث السائق في الهاتف النقال، يتطلب تركيزا وتدقيقا، لأن السائق يعلم أن عليه أن يرد على الكلام الذي يتلقاه، وهذا ما نسميه الاستماع الناشط أو الفعال، فالسائق يستمع ويحلل ما يستمع إليه، ويفكر كيف يرد ثم يرد، ما يجعله عاجزا عن التركيز على الناس الذين يعبرون الطريق، وعلى حركة السيارات، عكس الاستماع إلى الإذاعة مثلا، التي يستمع إليها السائق ولكنه ليس مجبرا على الرد". وتساءل محمد العزوني مستغربا "لا نفهم ما هو المانع لو ينحرف السائق إلى اليمين كلما تلقى مكالمة أو كلما أراد إجراء مكالمة، ثم يتوقف ويتحدث بكل راحة، وإذا لم يرد التوقف ما عليه إلا استعمال كاتم الصوت، شرط أن يكون ذلك بأذن واحدة، وليس بكلتا الأذنين، لأن هذا الأخير ممنوع في قانون المرور". واقترح المتحدث أنه لو يقوم وكلاء السيارات بتجهيز السيارات التي يدخلونها إلى السوق الجزائرية، بمشوشات على الهاتف النقال، لمنع السائقين من تلقي وإجراء المكالمات الهاتفية، وهو الحل الوحيد لمنع الجزائريين من الحديث في الهاتف النقال أثناء السياقة، مضيفا أن "أغلب الجزائريين، إن لم نقل كلهم، يتكلمون في الهاتف النقال أثناء السياقة، كل ما في الأمر أنهم لا يتكلمون أمام الشرطي، ولا تتفطن مصالح الأمن لمكالماتهم إلا عندما يقع حادث مرور، ويقوم رجال الشرطة بحجز النقال لمراقبة آخر مكالمة أجراها السائق، فإذا بهم يجدونها متزامنة مع توقيت الحادث، ليستنتجوا مباشرة أن السائق كان منشغلا بإجراء المكالمات، ولذلك ارتكب الحادث". وخلص العزوني إلى القول "عندما يحترم الجزائريون قانون المرور خوفا من حوادث المرور وعندما يرتكبون المخالفات لقناعتهم بأنها تشكل خطرا على السلامة المرورية وليس خوفا من الشرطي والدركي، ومن الغرامة المالية، عندها نستطيع أن نقول إن الجزائريين يحترمون قانون المرور".