خاطب المترشح عبد العزيز بوتفليقة هذه المرة قلوب الجزائريين بلغة العواطف التي تحدث فيها لأول مرة عن مرضه عندما قال: "إن الصعوبات الناجمة عن حالتي الصحية البدنية الراهنة لم تثنكم على ما يبدو عن الإصرار على تطويقي بثقتكم وأراكم أبيتم إعفائي من أعباء تلك المسؤوليات الجلية التي قوضت ما قوضت من قدراتي". وهي المرة الأولى التي يخاطب فيها بوتفليقة المواطنين بلغة العواطف وهو يتحدث عن حالته الصحية وأعباء المسؤوليات التي قوضت قدراته. وإذا كان الواضح من الرسالة أن بوتفليقة يشكر الذين دعوه للترشح لعهدة رابعة، فإنها أيضا رسالة لخصومه الذين يروجون لإمكانية انسحاب بوتفليقة سواء تحت ضغط الرافضين للعهدة الرابعة أو لاستراتيجية أخرى غير معلنة، لكن من الواضح جدا أن كل هذه القراءات مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة، وأن بوتفليقة ماض في ترشحه، وها هو يعلن عن خارطة طريق للعهدة الرابعة، مشيرا الى "تأثره البالغ" لتلك النداءات و«بثقل وخطورة المسؤولية"، مؤكدا للشعب الجزائري أنه "سيسخر كل طاقاته لتحقيق ما تأملونه"، وهي رسالة واضحة على أن بوتفليقة فصل في أمر ترشحه استجابة للنداءات العديدة الموجهة له. وترسّم الرسالة التي تعتبر ردا على النقاش الدائر منذ أيام والذي أعقب الاحتجاجات على مزحة سلال، خارطة الطريق المرتقبة للمرحلة التي تعقب الاستحقاق الرئاسي القادم، حيث حدّد بوتفليقة معالمها، وقد رأى أنه من الضروري أن "نؤمّن لكافة فئات بلادنا الاجتماعية ما يحق لها من الشغل، والأمن، ولياقة البيئة، والعلاج ومستقبل الأبناء"، ويرى بوتفليقة: "في السياق الجيوسياسي الذي يكتنف بلادنا، ليس لدي من طموح إلا وقايتها من الأخطار وصونها من التهديدات التي قد تربك استكمال تنميتها الشاملة". ومن الواضح جدا أن الهاجس الأمني في الداخل والخارج لايزال يلقي بظله على صناعة القرار في الجزائر، حيث التهديدات لا تزال قائمة. لذلك قال بوتفليقة بلغة التأكيد أنه سينذر العهدة الرابعة: "لحماية بلادنا من التحرشات الداخلية والخارجية الداهمة ومن تلك المحتملة بكافة أشكالها، ولإشاعة الدعة والسكينة في مجتمعنا الذي هو أحوج ما يكون الى حشد طاقاته لتحقيق فتوحات جديدة بعيدا عن الحزازات العميقة وضروب الشنآن والتناحر التي لا يرجى منها خير". الأمر في مجملة هو رسالة تأكيد على أنه برغم حالته الصحية، فهو لن يتخلى عن مهامه وواجباته الدستورية المتمثلة في حماية أمن البلاد والمحافظة على استقرار الوطن، والأهم فيما بعد الرئاسيات سواء بالنسبة للسلطة أو المعارضة، مهام تعديل الدستور الذي تطالب المعارضة بأن يكون توافقيا بين كافة أطياف المجتمع. ورغم حرص بوتفليقة على التصريح بإشراك الفاعلين، فإن مخاوف المعارضة قائمة من مخاطر الانفراد بالرؤية السياسية لتعديل الدستور.