قدم بالجزائر العاصمة العرض الأولي لفيلم "ثورة الزنج "أخر أعمال للمخرج طارق تقية في عرض خاص بالصحافة بحضور المخرج و أعضاء من الطاقم الفني. وحمل طارق تقية في هذا العمل الروائي الثالث له المشاهد في رحلة طويلة "135 دقيقة"، عبر الزمن والمكان متنقلا بين عدة مدن من ضفتي المتوسط وأمريكا من خلال الأسفار الاستكشافية لبطل الفيلم "ابن بطوطة" "فتحي غارس" وصحفي مستقل متخصص في الاستقصاء. وبدأت رحلة "ابن بطوطة "في استنطاقه للتاريخ بشان انتفاضة الزنج في العراق في القرنين الثامن والتاسع للميلاد ضد القمع والاستبداد من كلمة "زنج" تلفظ بها احد سكان غرداية، حيث كان البطل بصدد تحضير روبورتاج عن المواجهات الطائفية. كلمة دغدغت فضول الصحافي الذي رغب في البحث في منشأ وأبعاد هذه الثورة التي مازالت تحرك لدى الفئات المقهورة القوة على الرفض والانتفاضة على كل أشكال الاستبداد الممارسة منذ الأزل من قبل القوى المسيطرة. رحلة البحث عن جذورهذه الثورة و تقصي الحقائق تقود ابن بطوطة إلى بيروت، حيث أرسلته جريدته في مهمة صحفية وهناك يلتقي ب "نهلة" التي تجسد دورها ديانا صبري"، وهي ابنة أحد المناضلين الفلسطينيين الذي بقي رغم المنفى يجمع المساعدات لقضية وطنه وتأتي ابنته - التي ولدت في 1982 بعد مجازر صبرا وشتيلا- حاملة المساعدات المالية التي تبرع بها طلبة يونانيون ينتمون للنزعة الفوضوية. ومن خلال شخصية نهلة يعيد المخرج إلى الذاكرة بطلة فيلم بنفس العنوان للمخرج فاروق بلوفة "1979" عن القضية الفلسطينية وفي هذا التذكير تكريم لهذا المخرج المتميز وأيضا تأكيد على استمرارية النضال والثورة في ظل الظروف الجديدة التي فرضتها العولمة. ويقول المخرج تقية إنه يطرح من خلال استحضار هذه الشخصية مصير القضايا المصيرية العربية في مقدمتها الثورة الفلسطينية بعد مرور ثلاثين سنة. وتبقى هذه التساؤلات مطروحة في الحوارات المثارة في لقاءات البطل مع شخصيات فاعلة في هذا النضال من اجل الحرية وتحرير الإنسان في البلدان العربية وفي العالم وتتجلى أيضا خلال جولات الصحفي "في بيروت وبغداد والبصرة وعلى ضفاف نهر دجلة.. بحثا عن أثار الزنج". وعلى خلفية ثورة الزنج وثورات الشعوب في الوقت الراهن، تطرق المخرج، وهو أيضا كاتب السيناريو رفقة أخيه ياسين لتكالب القوى المهيمنة على باقي شعوب العالم للسيطرة على أراضيها وسلب خيراتها من خلال شخصيتين أمريكيتين من المخبرات في بحثهما عن الاستثمار في العراق وفي مناطق أخرى. وبخصوص تنوع أماكن حدوث الانتفاضات والثورات في هذا الفيلم الذي صور قبل قيام الانتفاضات العربية قال المخرج "لقد أردت أن أظهر الرابط بين مختلف الثورات برسم خريطة للمقاومة عبر العالم". من ناحية أخرى، اعتبر المخرج أن اعتماد "وتيرة بطيئة وإبراز التناقضات بين المشاهد المقززة للعمران الحضري والمناظر الخلابة للطبيعة هو تأكيد لاستمرار الثورات القديمة، الممثلة هنا في ثورة الزنوج". وقدم العرض الأولي العالمي لهذا الفيلم وهو إنتاج مشترك بين الجزائروفرنسا ولبنان وقطر شركة "نفة" في مهرجان روما الدولي للسينما في ديسمبر 2013. وحاز فيلم "ثورة زنج" في نفس السنة على الجائزة الكبرى في المهرجان الدولي لبلفور "فرنسا" وجائزة "سكريب للسينما" التي تمنح سنويا لعمل تجديدي تكريما لأخويين لوميير.