في تطورات متسارعة وملفتة حول المبادرة الجزائرية للحل في ليبيا، على ضوء المبادرة السابقة للحل في مالي، يلقى الدور الجزائري في التعامل مع مختلف الأزمات التي تعرفها منطقة شمال إفريقيا والساحل، فمن المباركة الأمريكية للحل السلمي بين الليبيين بعيدا عن العسكرة، دخلت الأممالمتحدة على خط التحرك الجزائري الذي زاد زخمه في الأيام الأخيرة ليصبح أهم مبادرة لقيت صدى في الداخل الليبي ودول الجوار الإقليمي، وحتى على المستوى الدولي. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس ب«الانخراط النشط" للجزائر في عملية السلام في مالي. وشجع في لقاء مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الذي يوجد في نيويورك لحضور قمة الأممالمتحدة حول التغير المناخي، كافة اللاعبين المعنيين على مواصلة دعمهم للعملية السياسية في مالي، وفقا للمتحدث باسم الأممالمتحدة. وكانت الإشادة الأممية بالدور الجزائري في مالي، حيث نجحت في جمع الحركات الأزوادية مع الحكومة المركزية في باماكو على طاولة حوار، تمهد لمحادثات تفضي إلى تحقيق المصالحة الوطنية في هذا البلد الذي عاش في ظروف الحرب الأهلية لسنوات منذ الانقلاب العسكري الذي حصل عام 2012، واستغلته الحركات المتمردة في الشمال كي تفرض سيطرتها على مساحات واسعة، تزامنت مع انسحاب للجيش النظامي. هذا الثناء على الدور الجزائري على الساحة المالية، كان مقدمة للأمين العام الأممي كي يعبر عن تأييد الأممالمتحدة للدعوة الجزائرية للأطراف الليبية من أجل إقامة حوار بينهم لبحث سبل إخراج بلدهم من الأزمة الكبيرة والاقتتال الداخلي. ويبدو من خلال هذا الترحيب الأممي بالمبادرة الجزائرية أن قدرة الدبلوماسية الجزائرية التي أثبتتها في تجاوز مختلف العقبات في الملف الليبي، حيث استطاعت في ظرف شهور أن تجمع من كانوا أعداء في ساحات المعارك، إلى طاولة الحوار والتباحث حول سبل الوصول إلى مصالحة وطنية، وهو المطلوب في المسألة الليبية. كما يظهر تعويل الأممالمتحدة على المجهودات الجزائرية من خلال ربطها بالجهود التي تبذلها هي من خلال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، من خلال الإشارة إلى دعم منتظر من الجزائر لمهمة هذا المبعوث الهادفة "لتسهيل التوصل إلى اتفاق واسع مستقبلا للانتقال في ليبيا". وسيكون الاجتماع المصغر حول الدول المعنية بالأزمة في ليبيا في نيويورك على هامش انعقاد الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة في الأيام المقبلة، فرصة لمعرفة الشكل النهائي للدور الجزائري، الذي يتأسس على إعطاء الأولوية للحلول السلمية، ومن دون شك فإن المبادرة الجزائرية ستترسخ أكثر بالمباركة الأمميةوالأمريكية، وبالترحيب الذي لقيته من أطراف ليبية، في حين أن العالم والدول الكبرى التي تخشى من تفجر أكثر للأزمة في هذا البلد وجدت في الدعوة الجزائرية لليبيين من أجل الانخراط في حوار بينهم بارقة أمل، ترسم معالم توافق داخلي وتجنب ليبيا مزيدا من الفرقة الداخلية التي قد تمتد تداعياتها إلى أبعد من حدود هذا البلد.