ليس وحده نهر "السين" شاهدا على استبداد الإستعمار الفرنسي و الوحشية التي مارسها في حق الجزائريين الذين ألقوا في النهر عشرات عشرات فظل هذا الأخير يلفظ جثثهم إضافة لأيام فكانت حصيلة 17 أكتوبر أكثر من 15 ألف بين شهيد و مفقود و معقتلين تم تحويلهم إلى سجون جزائرية ليجعلوا من جلودهم و عظامهم شهودا على وحشية هذا الإستعمار . هاهو التاريخ ثانية يكشف حلبة أخرى للقمع الفرنسي و مكانا آخر شاهد على جرائم فرنسا ضد الشعب الجزائري فالملعب الشتوي لسباق الدراجات "Le vel'd' ive" و الذي افتتح في فيفري 1910 لإحتضان رياضة الدراجات الهوائية التي كانت شغف الطبقة العمالية في المدن الأوروبية و على راسها باريس تحول إلى مكان سيق إليه 3000 آلاف جزائري مقيم بباريس و ضواحيها أحتجزو في الثاني و العشرين من سنة 1958 ليتم إرسالهم فيما بعد إلى معسكرات الإعتقال في الجزائر ليلاقوا مصيرا مجهولا. و لم يكن الجزائرون الأوائل من احتجزوا في ذلك الملعب بل سبقهم اليهود، فمع هبوب رياح الحرب العالمية الثانية و سقوط فرنسا في قبضة الإحتلال النازي وشروع سلطاتها النازية في تطبيق سياستها المعادية لليهود كان ملعب شاهدا على أكبر حملة إعتقال لليهود شملت 8000 آلاف يهودي منهم أطفال و كان ذلك في ظروف مأساوية دفعت بعشرات منهم للانتحار ليساق الباقون إلى معسكرات الموت في بولندا. إلا أن المضاربات العقارية لم تجعله يعمر كثيرا بل أدت إلى تدميره كليا سنة 1959و شيدت مكانه مباني أصبحت مركزا لجهاز المخابرات الفرنسية. فهذه الحلبة الأسطورية التي تشهد على وحشية فرنسا لم يبقى مها إلا لوحة تذكارية تشير إلى بعض ما شهده هذا المكان من موت و إعتقال.. و يبقى هذا المكان سرا من أسرار باريس المثقلة بتاريخ أسود يريد الكثير نسيانه لما يمثله من رمز للقمع و الإستعمار.