بلغت درجة اللامبالاة، التسيب والإهمال ذروتها بمستشفياتنا عامة ومستشفى "الهادي فليسي" بالعاصمة أو بما يعرف بالقطار خاصة، ذروتها، حين حول هذه المرة حياة طبيبة عامة بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا إلى جحيم بعد تشخيص خاطئ لعينة من دمها أوهمها أنها مصابة ب«الإيدز"، إلى أن اكتشفت عكس ذلك بعد مباشرتها العلاج. معاناة هذه الطبيبة الضحية بدأت ذات يوم كانت فيه مناوبة ليلا بمصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، حين استقبلت حالة طفل كان في حالة حرجة، لتقوم بإسعافه، ما استلزم إخضاعه لعملية نقل دم دون أن ترتدي قفازات صحية واقية لعدم توفرها بالمصلحة الطبية، بعدها غادر المريض المستشفى وعادت به عائلته في اليوم ومعها ملفه الطبي الذي لم تصطحبه معه حين نقله للمستشفى ليلا، حينها أدركت الطبيبة المعالجة أنه مصاب بمرض فقدان المناعة "الإيدز" فكانت صدمتها أكبر لأنها لم تستخدم أدوات طبية واقية، ما اضطرها على الفور وباقتراح من زملائها الأطباء، للخضوع إلى تحاليل وفحوصات طبية دقيقة وفق ما تستوجبه الضرورة، لتتوجه إلى مستشفى القطار المختص في الأمراض المعدية، وبإجرائها للتحاليل المخبرية سلمت لها نتائج إيجابية مما يعني أنها أصيبت بفيروس الإيدز، وبمحاولتها إعادة نتائج موازية للتحقق من صحة ذلك أكد لها زملاءها أنه لا يمكن الطعن في نتائج التحاليل الأولى لأنها مؤكدة، غير أن ضميرها قادها إلى عكس ذلك، وموازاة مع مباشرتها العلاج توجهت إلى معهد باستور بدالي إبراهيم وأجرت تحاليل أخرى وكان تشخيص الحالة مخالفا لنتائج مستشفى القطار، وتأكد لها أنها سليمة ولم يحمل جسمها فيروس الإيدز، بل إن الأمر مجرد خلط وإهمال من المصلحة المخبرية لمستشفى القطار المتعود اقتراف أخطاء فادحة في حق المرضى ما عرض في كثير من الحالات حياتهم للخطر. ونظرا للاستهتار والإهمال الطبي الذي كاد أن يعقد الوضع الصحي للطبيبة الضحية. قررت الأخيرة مقاضاة مستشفى القطار والطبيبة المخبرية التي أشرفت على نتائج تحاليلها، لتباشر الضحية الإجراءات اللازمة، ومن خلال التحريات القضائية تبين أنه وخلال نقل دم الطبيبة الضحية وقع خلط بعدم التقاط الأنبوب الخاص بها، خاصة أن المخبر كان يضم تحاليل مرضى آخرين مصابين بفيروس فقدان المناعة، وثبت أن المشرفين على المخبر لا يحتاطون ولا يولون عناية لتحاليل المرضى ويجمعون أنابيبهم دون حذر ولامبالاة أو الاكتراث لعواقب ذلك في ظل انعدام أدنى شروط الصحة والنظافة. وعلى إثر ذلك، أحيلت الطبيبة المخبرية الموجهة لها أصابع الاتهام على العدالة، حيث مثلت أمس، أمام قاضي الغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء الجزائر لمواجهة جنحة الخطأ الطبي والإهمال الذي تتهددها لأجلها عقوبة الحبس النافذ لمدة 6 أشهر مع 20 ألف دينار جزائري غرامة نافذة، إلى حين الفصل في الأمر في جلسة لاحقة.