كشف ريشار مالكا، محامي أسبوعية "شارلي ايبدو" التي تعرضت لهجوم مسلح منذ أيام، أن العدد المقبل للأسبوعية الذي سيصدر غدا الأربعاء سيتضمن رسوما كاريكاتورية جديدة مسيئة للرسول، عليه الصلاة والسلام. وقد فجّرت هذه التصريحات موجة من التنديد والاستنكار في صفوف ممثلي الجاليات المسلمة في فرنسا وبقية البلدان الأوروبية، ووصلت إلى حد اعتبار ما تقوم به الصحيفة "بالارهاب الاعلامي"، وقال المحامي إن العدد الجديد الذي أعده الناجون من المجزرة التي تعرضت لها الأسبوعية الساخرة سيتضمن "ردا مباشرا على الهجوم الإرهابي الذي حاول إسكات أقلام الصحفيين والرسامين وبالتأكيد ستنشر الصحيفة رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد." وقال باتريك بيلو، أحد كتاب الصحيفة أن العدد الخاص الذي سيصدر غدا سيتوفر كذلك "ب 16 لغة" للقراء من جميع أنحاء العالم. وقال ريشار مالكا محامي الصحيفة للاذاعة الفرنسية إن العدد القادم سيسخر "بالتأكيد" من النبي محمد وعدد من الشخصيات الأخرى ليظهر أن الموظفين "لن يتنازلوا بشيء" للمتطرفين الذين يسعون إلى إسكاتهم. ومنذ الجمعة، يعمل موظفوالصحيفة من مكاتب صحيفة ليبراسيون الفرنسية بأجهزة أقرضتهم إياها مؤسسات إعلامية أخرى، نظرا لأن مكاتبهم لا تزال مغلقة من قبل الشرطة. وصبت أغلب ردود الفعل أمس على هذه التصريحات جام غضبها على هذا الاستفزاز، واعتبر ممثلو الجالية المسلمة أن الرسوم المسيئة للديانة الاسلامية ورموزها تعد "إرهابا اعلاميا" تمارسه "شارلي ايبدو" كما أجمعت التعليقات على التنديد بالتطاول الجديد على نبي الإسلام وشجب"هذه الفعلة الشنيعة التي تسيء للإسلام والمسلمين وستكون انعكاساتها وخيمة حسب أحد المعلقين. ومنذ صدور أول عدد من صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية قبل 44 سنة حتى الأربعاء الماضي، تاريخ الهجوم الذي أودى بحياة كوكبة من كتابها ورساميها، ظلت الصحيفة تدفع ثمن جرأتها في السخرية "الزائدة عن حدها" من رموز الدين والسياسة داخل فرنسا وخارجها. كما أن خط الصحيفة التحريري اليساري ساهم في إخفاقها في جذب الإعلانات، مما جعلها تعاني ضنكا في العيش أدى أحيانا إلى اختفائها من الأكشاك لفترات طويلة وحينما رأت شارلي إيبدوالنور في عام 1970 أراد القائمون عليها أن تكون امتداد لصحيفة "هارا كيري" الساخرة التي أقدمت السلطات على حظرها قبل سنة من ذلك الوقت، بعد نشرها مقالا ورسوما ساخرة بشأن وفاة الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول الذي تنظر إليه أغلبية واسعة من الفرنسيين بوصفه بطلا قوميا قاد المقاومة الوطنية للاحتلال النازي في أربعينيات القرن الماضي وخلص البلاد من ورطة ثورة الجزائر. واعتمدت الجريدة على الرسوم الكاريكاتيرية ومارست الصحافة الاستقصائية من حين لآخر، مركزة نقدها على اليمين المتطرف وعلى الظاهرة الدينية انطلاقا من رؤية يسارية جذرية تسخر من كل المعتقدات الدينية. ولم تستطع الصحيفة الصمود في مواجهة نقص القراء ونضوب موارد الإعلانات وقلة الاشتراكات، فاختفت عام 1982 لتعود للظهور بعد عقد كامل في العام 1992، وكانت شارلي إيبدو ملتزمة في عملها الصحفي بمعارك اليسار الجذري، متسلحة بمواهب رساميها وبتعدد آراء كتابها لإضفاء نكهة جديدة على المشهد الإعلامي الفرنسي .وبدأت الصحيفة -بدفع من مدير تحريرها فيليب فال- بالابتعاد عن جزء من اليسار المحلي حينما أدانت كل الذين رفضوا التضامن مع الولاياتالمتحدة بعيد هجمات 11 سبتمبر 2001، ثم ما لبثت أن تبنت في بعض كتاباتها أطروحات الصحفية الإيطالية أوريانا فالاتشي المعادية للإسلام. وفي ذلك السياق، أعادت الصحيفة في 2006 نشر رسوم مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم تضامنا مع صحيفة دانماركية كانت قد أثارت غضبا واسعا لدى المسلمين بعد إقدامها على عرض تلك الرسوم.