استقرت أسعار المواد الغذائية الأساسية عند المعدلات القياسية التي بلغتها مؤخرا، بعد الارتفاع الجنوني الذي شهدته معظم المواد الأساسية في الأسواق الوطنية، الأمر الذي يؤكد أن الأسعار لن تتراجع من جديد، رغم تحسن الأحوال الجوية ورغم ثرثرة المسؤولين عبر الفضائيات والصحف. لا شيء يوحي بأن أسعار المواد الغذائية الأساسية ستنخفض من جديد، رغم تحسن الأحوال الجوية ورغم وعود وتطمينات الجهات الوصية، حيث تولدت قناعات لدى المستهلك الجزائري بأن مسألة تراجع الأسعار هي أكذوبة كبيرة يتغنى بها المشرفون على قطاعي التجارة والفلاحة في بلادنا، طالما أن واقع السوق شيء وتصريحات المسؤولين عبر مختلف وسائل الإعلام شيء آخر . في الأسواق، لا شيء يبشر بالخير إطلاقا، وسط اتهامات متبادلة، فالمواطن يتهم تجار التجزئة، وتجار التجزئة يتهمون تجار الجملة، وهؤلاء يتهمون وزارتي التجارة والفلاحة، وعندما تصل الكرة إلى هاتين الوزارتين لن تسمع إلا الوعود والتبريرات التي لا يتقبلها لا العقل ولا المنطق، لأن ربط ارتفاع الأسعار بالأحوال الجوية هو أكبر أكذوبة على المستهلك الجزائري من طرف المسؤولين على القطاعين التجاري والفلاحي في بلادنا. وحسب توقعات الناطق الرسمي لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، الطاهر بولنوار، فإن أسعار بعض الخضر والفواكه ستعرف انخفاضا ملموسا مع بداية شهر أفريل تزامنا مع بداية إنتاج بعض المحاصيل الموسمية، مضيفا أن غياب مخطط وطني للإنتاج وضعف المراقبة على أسواق الجملة والتجزئة من أهم الأسباب وراء عدم انتظام أسعار المواد الغذائية الأساسية وخاصة الخضر والفواكه. بدوره، أكد رئيس الاتحادية الوطنية لأسواق الجملة، مصطفى عاشور، أن عودة الاستقرار لأسعار الخضر والفواكه ستكون مع نهاية شهر مارس وبداية أفريل؛ بسبب وفرة المنتوج في هذه الفترة الربيعية. في حين يرى مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، أن ارتفاع الأسعار بهذا المنحنى التصاعدي غير مبرر إطلاقا، الأمر الذي يعكس على حد قوله سيطرة عوامل المضاربة وضعف التوزيع، إضافة إلى هيمنة الأسواق الفوضوية . لقد سقطت كل الأقنعة الآن بعدما استقر الارتفاع الجنوني لأسعار معظم المواد الغذائية الأساسية، لأن الأمر لا يتعلق بارتفاع ظرفي مرتبط بالأحوال الجوية، مثلما صرح به وزير التجارة عمارة بن يونس، أو بالندرة مثلما زعم وزير الفلاحة عبد الوهاب نوري، وإنما الأمر مرتبط بارتفاع مدروس ومخطط يعكس تراجع القدرة الشرائية للمواطن من جهة، وتراجع قيمة الدينار في الأسواق المالية من جهة أخرى. كما أن ارتفاع الأسعار بنسب تفوق ال100 بالمائة بالنسبة لبعض المواد على غرار البطاطا التي قفزت إلى 100 دينار والبصل إلى 80 دينارا والسردين الذي بلغ سعره 800 دينار ، يعكس فعلا المرحلة الخطيرة المقبلة التي ستعرفها القدرة الشرائية للمواطن ذو الدخل المحدود، حيث توحي كل المعطيات الميدانية أن الأسعار ستواصل الارتفاع طالما أن وزارة التجارة لا تتحكم في الأسواق، ووزارة الفلاحة فشلت في حماية الفلاحين من مافيا أسواق الجملة.