بثت القناة الفرنسية الثانية سهرة أمس، فيلما وثائقيا جديدا حول ملف رهبان تيبحيرين الذين اغتيلوا بالمدية، عام 1996، من قبل الجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا". ولم يأت الفيلم بأي جديد يفيد المسار القضائي الجاري حول القضية غير "تصريحات" متحاملة على الأمن الجزائري في صورة تعكس إرادة واضحة لتبييض صورة "الجيا" والتشويش على العلاقات الجزائرية الفرنسية بعد توسع "دائرة" المطالبين من الفرنسيين باعتراف رسمي بمجازر 8 ماي 1945. بعد تأجيلات متكررة لعرض الوثائقي الجديد اختار الإعلام الفرنسي من خلال قناة "فرانس 2" وبعض المواقع الإخبارية لكبريات الصحف الفرنسية زيارة كاتب الدولة لدى وزير الدفاع الفرنسي المكلف بقدامى المحاربين و الذاكرة، جان مارك تودشيني إلى الجزائر، في خطوة متزامنة مع ارتفاع أصوات حقوقية فرنسية لافتكاك اعتراف رسمي بالمجازر الاستعمارية المرتكبة في حق الجزائريين، للنبش مجددا في ملف رهبان تيبحيرين الذين قتلوا سنة 1996 بمنطقة تيبحيرين في المدية من قبل الجماعة الإسلامية المسلحة، رغم منح الجزائر الضوء الأخضر للقاضي الفرنسي بمكافحة الإرهاب مارك تريفيديك، لتشريح جماجم الرهبان السبعة، فبالإضافة إلى ما قدمته القناة الفرنسية على أنه "شهادات" لأشخاص مجهولين، تتضمن اتهامات للجيش الجزائري بالوقوف وراء العملية، لم يحتوِ الفيلم الوثائقي على مادة جديدة من الصور الحصرية التي يمكن أن نقول إن ‘'فرانس2" حققت سبقا أو كشفت جديدا للرأي العام الجزائري والفرنسي وحتى الدولي في القضية، وهو ما يعني أن الهدف ليس الجديد بل الهدف أن يتم تمرير الفيلم الوثائقي عبر قناة من الحجم الثقيل دوليا وفي ظرف سياسي حساس تمر به فرنسا داخليا وخارجيا، الغرض منه تقليص الضغط عليها في وقت تتزايد فيه مطالب الفرنسيين لدفعها نحو الالتفات "لماضيها الأسود" الذي ميز حقبة احتلالها للجزائر. وتعمد "التحقيق الوثائقي" طرح عدة فرضيات حول خطف وقتل الرهبان كريستيان دو شارجي ولوك دوشيي وبول فافر وميشال فلوري وكريستوف لوبروتون وبرونو لومارشان وسيليتان رانجار، من ديرهم، حيث اختاروا البقاء رغم الخطر الذي كان يتهددهم أثناء سنوات الإرهاب الذي عاشته الجزائر. وحاولت القناة الفرنسية القفز على اعترافات الإرهابيين التي تتماشى مع الموقف الرسمي الذي تبنته الجزائروفرنسا على أن الجريمة اقترفتها الجماعة الإسلامية المسلحة التي كان يقودها جمال زيتوني وكانت تنشط في المناطق المحيطة بدير سيدة الأطلس بتيبحيرين، حيث خطف الرهبان ليل 26 إلى 27 مارس 1996. وتبنت هذه الجماعة الخطف وأعلنت في 23 ماي أنها قطعت رؤوس الرهائن. وتم العثور على رؤوس الضحايا في طريق غابي بينما لم يتم أبدا العثور على الجثث. وتابعت "فرانس2" أنه تم التشكيك في هذه الفرضية خلال فتح التحقيق الفرنسي سنة 2004 عندما تحدث الملحق العسكري السابق في السفارة الفرنسية بالجزائر عن "خطأ" للجيش الجزائري خلال قصف بالمروحيات ضد مخيم لإرهابيين، ثم تم تكييف "الخطأ" على أنه جريمة للجماعة الإسلامية. والغريب أن هذا الادعاء يتناقض مع ما وصلت إليه التحريات العلمية التي لم تؤكد خلال تشريح الجماجم أن هذه الأخيرة تعرضت لطلقات رصاص أو أنها فصلت الرؤوس بقطعها بعد الوفاة. يذكر أن الرهبان السبعة بمنطقة تيبحيرين بولاية المدية خطفوا في نهاية مارس سنة 1996، على يد الجماعة الإرهابية المعروفة باسم الجماعة الإسلامية المسلحة "جيا" وتواصل احتجازهم لحوالي أسبوعين قبل أن يعثر على رؤوسهم مقطوعة.