أعاد السجال الحاصل بين وزارة الثقافة وحزب العمال، الحديث حول ملفات الفساد في العديد من القطاعات، حيث إن مجلس المحاسبة في تقريره التقييمي لسنتي 2011، و2012، سجل العديد من الملاحظات، من بينها قطاع الثقافة، الذي كشف فيه عن ملايير لم تستغل، وديون لم تسدد، وفواتير مضخمة، وصفقات بالتراضي. بينت تحريات مجلس المحاسبة، التي أوردها في التقرير التقييمي لسنة: 2011، أن المناصب المالية الشاغرة في وزارة الثقافة التي لم يتمّ استغلالها والتوظيف فيها رغم التخفيفات التي أُدخلت على إجراءات التوظيف حوالي 1658 منصبا من أصل 10215، بالإضافة إلى التأخر في تجسيد البرامج والمشاريع المسجلة بعنوان ميزانية التجهيز للدولة، ويعود البعض منها إلى أكثر من 10 سنوات، واعتُبرت وزارة الثقافة أسوأ الوزارات في عدم تجسيد مشاريعها رغم الأموال المرصودة لها ب58 مشروعا لم يتم تنفيذه. وبالنسبة إلى الصناديق الخاصة بالوزارة، هناك "الصندوق الوطني للتراث الثقافي" الذي أنشئ سنة 2006 يحتوي على 155.2 مليار سنتيم لم يتم استغلالها. و«الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب وتطويرها" به رصيد حوالي 456.8 مليار سنتيم لم يتم استغلال سوى 19 % فقط منه، مع تسجيل "خروقات" مثل عدم الامتثال للعقود الموقعة مع الناشرين فيما يتعلق بآجال تسليم الكتب وإثبات توزيعها في السوق، بالإضافة إلى تمويل ونشر كتب لم يتم الموافقة عليها من "لجنة القراءة". و«الصندوق الوطني لتحضير وتنظيم مهرجان تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية" الذي أنشئ سنة 2010، وكان في رصيده في نهاية 2011 حوالي 568.3 مليار سنتيم وأنفق منه 349.5 مليار سنتيم، سُجّلت فيه خروقات بالجملة، وبعد سنتين من اختتام الاحتفالات، لم يتم إقفاله بسبب عدم إعداد الميزانية النهائية، ولم تسلم المؤسسات التي كانت تحت وصاية الوزارة تقاريرها المفصّلة والمصادق عليها، كما تمّ كشف ديون تجاوزات ال140 مليار على عاتق وزارة الثقافة لفائدة الديوان الوطني لحقوق المؤلف، بعدما حوّل أمواله إلى طبع كتب التظاهرة، التي لم يتلق منها سنتيماً واحدا، وكذا التحقيق في الفواتير التي حملت الكثير من التضخيم وحقائق خطيرة، مثل فواتير الإطعام والإكراميات والوقوف على تجاوزات منح صفقات الكتب والترميم بالتراضي لمقاولات لها علاقة بمسؤولين. وبالنسبة إلى التقرير التقييمي لسنة 2012، سجّل مجلس المحاسبة على وزارة الثقافة العديد من الملاحظات، في تسيير المال العام، مثل تخصيص ميزانيات لمؤسسات غير موجودة، وتحويلات غير قانونية، وعدم تجسيد مخططات تسيير الموارد البشرية، ومنح إعانات مالية لمؤسسات متخصصة متوقفة عن النشاط، وأخرى غير وجودة أصلا. فقد تمّ تسجيل -حسب ما ذكره النائب ناصر حمدادوش- تخصيص ميزانيات لمؤسسات ليس لها وجود قانوني مثل مكتبات المطالعة العامة بولايات سطيف، وبرج بوعريريج، والوادي، بميزانية تناهز ال9.100 مليار سنتيم، و150 منصبا ميزانياتيا. بالإضافة إلى خمسة مسارح جهوية توجد في نفس الوضعية وتستفيد من اعتمادات مالية إجمالية قدرها 01.30 مليار سنتيم، ويتعلق الأمر بكل من المسرح الجهوي للهواء الطلق والمسارح الجهوية لولايات ورڤلة، وتمنراست، الجلفة، مستغانم. ووقف التقرير أيضا على وجود 193 منصبا غير مشغول من مجموع 1297 منصبا، أما المؤسسات الأخرى تحت الوصاية فالفارق هو 340 منصبا شاغرا من بين 11052. ومن الخروقات أيضا حسب التقرير "غياب الرقابة على الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي"، كما ظهر وجود خرق في الجرد الخاص بالديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بمبلغ 5.200 مليار سنتيم "غير مفسّرة" كثغرة مالية كبيرة. كما غابت إجراءات جرد "ديوان رياض الفتح" والعثور على 410 استثمارات مسجّلة بقيمة منعدمة. وفي نفس الباب، فإن الاعتماد المخصص لإحياء الذكرى ال50 لعيد الاستقلال المقدر ب491 مليار سنتيم والممنوح لتسع مؤسسات تحت الوصاية، لم يكن موضوع "تقرير" ولا "تقييد" بدفتر الشروط، بالإضافة إلى ثغرات في صرف هذه الميزانية.