أثارت عودة محمد بن علال مراح والد محمد مراح الفرنسي من أصول جزائرية والذي قتل على يد القوات الخاصة الفرنسية في أعقاب ما يعرف بمجزرة "تولوز" جدلا واسعا في الساحة السياسية الفرنسية على خلفية عدم خضوعه لأي مساءلة أمنية أو قضائية. وأعادت وسائل أعلام وقنوات إذاعية وتلفزيونية النقاش حول دور جهاز المخابرات الفرنسية في قضية محمد مراح. أكدت إذاعة "أر تي آل" الفرنسية أن محمد بن علال مراح عاد إلى تولوز قادما من الجزائر لتجديد بطاقة اقامته التي انتهت صلاحيتها لكنه لم يخضع لأي استجواب أمني من قبل جهاز مكافحة التجسس الخارجي الذي يتبع للمخابرات ولا من الشرطة القضائية حول أي "مسؤولية مفترضة" على الاعتداء "الإرهابي" الذي هز مدينة تولوز الفرنسية سنة 2012. ونقلت صحف فرنسية أمس أن عائلات ضحايا "مجزرة" تولوز ومنها عائلة ألبير شنوف ماير التي فقدت ابنها في تلك الأحداث سيتقدمون بعريضة إلى وزارة العدل والداخلية للاستفسار حول عدم خضوع المعني لأي مساءلة من السلطات ولو من قبيل محضر سماع لتعزيز التحقيق الذي أغلق في ظروف غامضة منذ سنوات. وكان محمد مراح (23 سنة) قتل في 22 مارس خلال هجوم للشرطة على شقته في تولوز بعد ان حاصرتها لمدة 32 ساعة. وفي 11 و15 و19 مارس قتل محمد مراح سبعة أشخاص: ثلاثة جنود مظليين، وثلاثة تلاميذ ومعلم يدينون باليهودية في تولوز ومونتوبان، جنوب غرب فرنسا. وقد أعلن محمد مراح وخلال حصار شقته في تولوز مسؤوليتة عن قتل هؤلاء مؤكدا أنه فكر في اعتداءات أخرى وأنه على علاقة بحركة طالبان وفقا لنص تحقيق كشفت عن فحواه وكالة الأنباء الفرنسية. وبعدها هدد والد مراح بتقديم دعوى قضائية ضد فرنسا واتهمها بقتل ابنه، مشيرا إلى أن الدولة الفرنسية بما لديها من قوة وإمكانيات عظيمة كان بوسعها اعتقاله حيا لكنّه تراجع عن إجراءات المتابعة القضائية في ظروف لا تزال محل تساؤلات حسب متتبعين للقضية. وتسربت في الفترة الأخيرة مجموعة من الملفات والوثائق التي تثبت وجود تعاون بين المخابرات العامة الفرنسية ومحمد مراح، على اعتبار أن الصحافة الفرنسية تلقت شهادات من أعوان شرطة السير، قالوا إنهم في سنة 2007 أوقفوا الشاب مراح لمخالفته قوانين السير، الأمر الذي استدعى البحث عن اسمه ضمن بنك المعلومات الأمني المتوفر لديهم إلكترونيا، وأكد أعوان الشرطة أنهم تفاجأوا بعبارة تفيد بضرورة "عدم إزعاج الشخص الموقوف وعدم إثارة أي شوشرة من حوله"، الأمر الذي نفذه الشرطيان اللذان أوقفا محمد مراح آنذاك بعد أن تأكدا من الأمر مع مركز الشرطة، الذي أخبرهم أن المعني من المخابرات ويتعاون مع الأمن الفرنسي. جاءت هذه المعلومات لتؤكد شكوك عائلات ضحايا المتهم محمد مراح، الذين طلبوا في وقت سابق من القضاة الثلاثة المتابعين للقضية، ضرورة رفع الطابع السري عن كل الملفات والتسجيلات المرتبطة بالمتهم، وأكدت أن الأجهزة الأمنية كانت على دراية بنشاط وتحركات مراح، بالنظر لكونه متابعا وذا سوابق مع التيارات المتطرفة، فيما اعتبرت الجهات المساندة لمراح أنه راح ضحية تواطؤ المخابرات الفرنسية التي استغلته في اختراق الجماعات الأصولية دون أن تحضره بالشكل اللائق، ما دفعه إلى حمل أفكار هذه الجماعات. والدة عسكري قُتل في هجمات تولوز "سامحت محمد مراح لأنه عانى من إهمال سلطات فرنسا" قالت لطيفة بن زياتن والدة العسكري في القوات المظلية الفرنسية عماد بن زياتن الذي قتل في هجمات تولوز الدامية التي نفذها محمد مراح في 11 مارس 2012، في تصريحات مقتضبة بثتها قناة "إي تي لي" الفرنسية، إنها سامحت محمد مراح الذي اعتبرته الضحية الذي عانى من التهميش والعزلة، ولا تسامحه على ما قام به من جرائم هزت فرنسا. وقد بثت قناة "إي تي لي" الفرنسية ليلة الخميس، تصريحات جديدة لوالدة عماد بن زياتن، الجندي الفرنسي في القوات المظلية الذي قتل في هجمات تولوز التي نفذها محمد مراح في 11 مارس 2012. وقالت لطيفة بن زياتن "أريد فرنسا موحدة، قوية، وصلبة، هذا ما أريده" ونددت بما اعتبرته تقاعس السلطات الفرنسية تجاه الشباب الذي يعيش ظروفا صعبة.