لا يختلف حال الدراما العربية عن الواقع العربي، غير أن هذا الواقع ينطوي على قدر من الغرائبية التي لا تستطيع تصويرها الكاميرات مهما تسنى لها من إمكانيات تقنية متطورة. وإذا كانت البلدان العربية تعيش حالة من التحولات الفنتازية، فإن الدراما لا تختلف كثيرا عن تلك الصورة. في رمضان هذا العام؛ يُبث أكثر من مئة مسلسل وعمل درامي على الفضائيات العربية التي تزيد عن سبعمئة قناة فضائية، وتتوزع جهات الإنتاج بين مصر "50 عملا" تمثل الحصة الكبرى على الأقل في كم الإنتاج، تليها سوريا "40 عملا"، والخليج العربي "30 عملا". ولم تخرج الأعمال السورية في غالبيتها عن الإسقاطات التاريخية دون ملامسة المشكلة الحقيقية للتشوهات التاريخية في البناء الاجتماعي الذي تم تجميله بجماليات المكان والمواضيع التراثية والخطاب العاطفي. ومن هذه الأعمال الدرامية السورية، وفق تقرير لموقع "الجزيرة نت" نجد "باب الحارة" و"رجال الحارة"، حيث تظهر في الأول حارة لليهود كنوع من الغزل المجاني في العمل الذي يصور مشاهد المقاومة للمستعمر في ثلاثينيات القرن الماضي. وتناول "باب الحارة" في جزئه السابع تفاصيل من الحياة اليومية والعلاقات الإنسانية في حي شعبي دمشقي خلال فترة ثلاثينيات القرن الماضي خلال الانتداب الفرنسي. ويسلّط المسلسل -الذي يشارك ببطولته أيمن زيدان وعباس النوري وصباح الجزائري ومرح جبر- الضوء على "الحكيم موسى" وهو أب لأسرة يهودية يخفي في بيته أحد الثوار عن عيون الفرنسيين، لتتواصل الأحداث، حيث تنشأ علاقة حب بين الثائر وابنة الحكيم، إلا أن الأب يرفض تلك العلاقة، فيهربان معا للزواج في السر. وقد نظر مثقفون إلى إقحام الموضوع في العمل بأنه غير مبرر تاريخيا ولا دراميا، وينطوي على غموض يخلط الأوراق. وبقي الكثير من الإنتاج الخليجي في إطار المعالجات المحلية، ومنها "أمنا يا رويحة الجنة" و"سيلفي" الذي يقوم ببطولته السعودي ناصر القصبي الذي أثار جدلا بين انتقاد "داعش" و"الاستخفاف بالقيم الدينية". من جانبه، يقول الناقد الفني رسمي المحاسنة إن هناك تراجعا في المستوى الفني والفكري للمسلسل العربي، وظاهرة ضخ المسلسلات خلال شهر رمضان على عدد هائل من تماثل الفضائيات وضع المشاهد في حيرة، كما أن هذه الأعمال أصبحت تعتمد على النجوم وليس الأفكار والمعالجات، ومن هنا تراجع مستوى الأعمال الفنية. وعبر المحاسنة عن خشيته من أن رأس المال "المشبوه" يعمل على تعويد المشاهد العربي بوجود الشخصية اليهودية بين الشخصيات العربية بشكل طبيعي، وفلسطين لا تزال تحت الاحتلال. وتساءل المتحدث عن التهميش المتعمد للقضية الفلسطينية وحتى الربيع العربي الذي لا يزال طازجا ومتفاعلا ونعيش تداعياته يوميا، إلا أنه في هذا العام لم يعد له ذكر في العروض الدرامية.