جدران "لا كنكورد" تتزين بشعارات: "حي منسٍ"، "نريد حقنا في السكن"، "أين هي وعودكم؟" تنتظر العديد من العائلات القاطنة بالبيوت القصديرية موعد إعادة إسكانها وحصولهم على مسكن جديد يحفظ لهم ماء وجههم م في أقرب الآجال، بعدما ضاقوا ذرعا داخل البيوت القصديرية، مطالبين من السلطات المعنية الالتفاتة إليهم ووضع حد لمعاناتهم. "البلاد" قامت بجولة استطلاعية إلى بعض الأحياء القصديرية ببلدية بئر مراد رايس والتي كانت منتشرة كالفطريات لمدة فاقت العشرين سنة، والانطلاقة كانت من حي "لا كنكورد" الذي يعتبر من بين الأحياء المنسية على حد تعبير السكان وحسب ما وجناه مكتوب على الحائط "حي منسٍ" "نريد حقنا في السكن" "أين هي وعودكم الكاذبة؟" إذ لم يعرف الحي إعادة إسكان سكان البيوت القصديرية مند العديد من السنوات. وفي هذا الصدد أكد السكان أن ضيق السكنات التي يقطنونها جعلهم يقومون بتشييد بيوت قصديرية على مستوى حيهم، مضيفين أن سياسة التي تتبعها مصالح البلدية هي التي دفعتهم للخروج إلى الشارع، حيث يتم تسليم السكنات الجديدة عن طريق المحسوبية و"بني عميس"، بغض النظر عن ملفات السكن الاجتماعي التي أودعوها في البلدية منذ ما يقارب الثلاثين سنة ولم تدرس أو تؤخذ بعين ما عدا إسكان البعض منهم. ويوجد ما يقارب الخمسين عائلة بالحي سالف الذكر وراء مقبرة الفرنسيين، ووسط العمارات، وآخرون بمحاذاة مسجد أسامة بن زيد، بالإضافة إلى العائلات التي خصصت أماكن للسكن وراء إحدى العمارات وأمام الغابة المتواجدة بالحي من أجل العيش داخل بيوت قصديرية، ناهيك عن الفضلات المتواجدة بالحي والرمي العشوائي من طرف السكان حيث يتحول المكان إلى شبه مفرغة صغيرة. وما زاد الطين بلة تلك الروائح الكريهة التي تنبعث من أنابيب قنوات الصرف الصحي، ومن جميع مسالك الطرق المؤدية إلى البيوت، وأصبح معظم أبناء سكان الحي يعانون من أمراض مزمنة، خاصة الأطفال كالحساسية والربو وغيرهما. عائلات لا تنام خوفا من الموت تحت أنقاض البنايات الهشة معاناة على مدار السنة يتحملها سكان هذه الأحياء، حيث أصبحوا يعيشون تحت هاجس الخوف من انهيار السكنات على رؤوسهم في أية لحظة، معبرين عن تذمرهم من لظروف المعيشية الصعبة. أول حالة وقفنا عليها بالحي هي حالة عمي محمد، 86 سنة، يتكفل بابنته المعوقة ذهنيا وزوجة ابنه المتوفى التي لها ثلاثة أطفال، يعيشون داخل بيت قصديري منذ 20 سنة دون التفاتة السلطات المحلية إلى وضعهم المزري أو الأخذ بعين الاعتبار قضيته. قال إنه اتصل في العديد من المرات بمصالح البلدية من أجل النظر إليهم وانتشالهم من الحالة المزرية التي يعيشون فيها منذ سنوات لكن دون جدوى. أضاف "مللنا حياة النسيان لسنوات طويلة ورغم الشكاوى المقدمة والملفات إلا أنها لم تجد نفعا، ولم يشفع عامل السن للكبار ولا الصغار" وقد اكتشفنا خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى الحي الذي يحتوي على عدد كبير من البيوت القصديرية الواقعة على المرتفعات، يوميات مزرية وجد صعبة بسبب الوضعية الكارثية للسكنات القصديرية التي لا تصلح حتى لتربية المواشي حسب تعبير بعض القاطنين، وأن المعيشة في هذه المنطقة كارثية وأثقل من أن يتحملها بشر لأن تدهور الوضع البيئي للحي يزداد تأزما من يوم لآخر دون تدخل السلطات. أكدوا أنهم يواجهون خلال كل فصل شتاء المصاعب لكثرة البرك المائية والأوحال وتسرب مياه الأمطار داخل الغرف، ناهيك عن الأمراض التي أصابت جميع أفراد العائلة فالبيوت القصديرية تفتقر إلى المتطلبات الضرورية، حيث أضحت تلك الجدران ممرات للجرذان ومختلف الحشرات التي تسببت في انتشار الحساسية. وقال آخرون إنهم ينامون بجفون مفتوحة خوفا من الموت تحت الأنقاض بعدما اهترأت منازلهم وأصبحت لا تصلح للسكن. من جهة أخرى أكد أحد السكان أن مصدر الأمراض المنتشرة في تلك الأحياء سببها البيوت القصديرية بدءا بالرطوبة التي تطلقها أسقف البيوت المصنوعة من الزنك، والجدران المثقوبة التي تسمح بمرور مياه الأمطار من جهة والرياح الباردة من جهة أخرى. الحصول على سكن اجتماعي حلم سكان حي شاربوني ينتظر سكان البيوت القصديرية بحي "شاربوني" تجسيد الوعود التي تلقوها منذ سنوات ولم تجسد على أرض الواقع. يواجد ما يقارب 30 عائلة داخل بيوت قصديرية، متسائلة عن أسباب تجاهل السلطات المعنية لهم والتماطل في إعادة إسكانهم في سكنات جديدة التي توزع في بلديات أخرى، مؤكدين أنهم رفعوا مطالبهم المتمثلة في إعادة إسكانهم وانتشالهم من الجحور التي يقبعون فيها لأكثر من 30 سنة. يعتبر مشكل انعدام قنوات الصرف الصحي من بين المشاكل التي يعاني منها السكان، خاصة أنّ هذا المشكل أصبح يغرق الحي في القاذورات بالنظر إلى صعوبة التخلص من المياه القذرة مما اضطرهم إلى الطريقة التقليدية المتمثلة في وضع حفر. كما أكد السكان أنهم أودعوا ملفات طلب السكن منذ سنة 2006 في إطار سكن تساهمي واجتماعي، لكن ملفاتهم لحد الساعة بقيت في أدراج المكاتب وعليه فهم يطالبون المجلس البلدي بإنقاذهم من هذا الجحيم بإيجاد حل لهذه المشكلة. سكان حي الينابيع يطالبون بترحليهم حسب ما وقفت عليه الجريدة فإن معاناة العائلات مستمرة بحي الينابيع الذين أصبحوا يعيشون وسط الروائح الكريهة وانعدام التهوية والرطوبة، إضافة إلى تحول بيوتهم مع تساقط المطر إلى مستنقعات وتسرب مياه الأمطار إلى داخل البيوت. كما يشتكي قاطنو الحي الفوضوي من غياب قنوات الصرف الصحي التي دفعتهم إلى الطرق البدائية للتخلص من الفضلات. وأضاف المتحدثون ان المشاكل المتراكمة لم تتوقف عند هذا الحد، بل شملت انعدام المياه الصالحة للشرب مما اضطرهم لشراء الماء في أو الاستعانة بالمساجد. ورغم مراسلتهم إلى الجهات بخصوص هذا الوضع الذي يتخبطون فيه إلا أنهم لحد الساعة لم يجدوا آذانا صاغية. وحسب سكان الحي الذين التقتهم "البلاد" فإن السلطات لم تعر أي اهتمام للسكان المحتجين وسكان البيوت القصديرية، مثلما حدث مع سكان حي ديار الشمس بالمدنية وغيرها من الأحياء الأخرى. وهذا ما جعل العديد من أبناء الحي يشيدون بيوتا قصديرية عند مداخل عماراتهم أو بمناطق مجاورة لحيهم. قال أحد السكان "نحن متواجدون هنا منذ 1958 فوالدي مجاهد، والعديد من أبناء الحي آباؤهم مجاهدون، ولم نستفد من أي سكن أو دعم من طرف الدولة"، مضيفا "إن السلطات لم تترك أمامنا أي خيار سوى بناء بيوت قصديرية، مما يجعلها تلتفت إلينا وترحيلنا إلى سكنات لائقة". وأثناء تجوالنا بالأحياء السالفة الذكر التقينا العديد من المواطنين الدين أكدوا أنهم ملوا العيش في "الضيق" وسياسة اللامبالاة التي تتبعها السلطات المعنية، متسائلين عن الأسباب التي تجعلهم يقدمون وعودا أثناء الحملة الانتخابية ولا يجسدونها على أرض الواقع بعد انتخابهم. كما طلب شباب الحي من المعنيين انتشالهم من شبح البطالة، وتوفير مناصب عمل، حيث تعرف البلدية العديد من خريجي الجامعات وحاملي الشهادات دون عمل.