يقوم رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، "جيرار لارشي" بعد غد الثلاثاء بزيارة رسمية إلى الجزائر، في سياق التحرك الخارجي لقوى اليمين الفرنسي تجاه الجزائر ودول شمل إفريقيا عموما. لكن زيارة شخصية فرنسية من وزن رئيس مجلس الشيخ الفرنسي لها دلالاتها السياسية العميقة المتصلة بعدة قضايا وملفات مشتركة في السياسة والاقتصاد والأمن والهجرة. رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي سيزور الجزائر مع بدء الدورة الخريفية للبرلمان الجزائري بغرفتيه وهو نفس الوضع بالنسبة للهيئة التشريعية في فرنسا، وسيناقش عدة قضايا تتعلق بموقف الجزائر من اليمين على خلفية حالة التوتر التي غالبا ما يثيرها زملاؤه عند الحديث عن العلاقات بين الجزائروباريس، فضلا عن السباق الذي تباشره القوى السياسية الفرنسية فيما يخص الحوار مع شركائها من مستعمراتها القديمة، في الوقت الذي بدأ فيه سياق الرئاسيات الفرنسية مبكرا هذه المرة. ملف الهجرة والإقامة وحركة تنقل الجزائريين بين البلدين هو الآخر قضية شائكة لكون الجزائر أبدت تخوفات كبرى من القوانين الجديدة التي تستهدف المهاجرين، لكن فرنسا التي تؤكد أن الأمر لا ينطبق على الجزائريين لم تقدم أي ضمانات في هذا السياق والأمر مرتبط بمراجعة الاتفاقيات المشتركة المسيرة لهذا الملف. وإذا كان رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، وهو شخصية ذات وزن ثقيل في الساحة السياسية، يحمل خلفيات انتخابية تخص اليمين وحلفاءه في فرنسا، فإنه سيناقش أيضا القضايا الخاصة بالأمن وتلك المرتبطة بالوضع في تونس وليبيا، ومخاطر التفكك في البلدان العربية، وكذا الوضع في مالي، فضلا عن الأوضاع الداخلية في الجزائر، حيث يرغب "النظام الفرنسي" بمؤسساته الاطلاع عن قرب على أوضاع حلفائه في الجزائر، بعيدا عن مفردات المجاملة أو الدبلوماسية أو الدعم التي أطلقها هولاند في أكثر من مناسبة، فهناك تختلف نظرة الهيئات التشريعية ومؤسساتها إلى الأوضاع في الجزائر وغيرها عن النظرة التي تصدر من حين لآخر عن الإليزي. وإلى جانب هذا الملف الأمني والسياسي الداخلي، فإن التعاون الاقتصادي سيكون في صلب الحوار واللقاءات التي سيجريها "جيرار لارشي" مع كل من رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة والوزير الأول عبد المالك سلال، وبحضور شخصيات أخرى على النحو المعتاد عليه في مثل هذه المناسبات. وتبقى باريس من خلال بدء تحركاتها اتجاه الجزائر، تضع نصب أعينها الحراك السياسي الذي يثار من حين لآخر بشأن التعديل الدستوري، والوضع الاقتصادي على ضوء تراجع أسعار النفط، وهو وضع تراقبه باريس عن كثب لكونه يتعلق بأكبر بلد تشترك معه في علاقات تاريخية عميقة للغاية، حيث مازالت إرهاصات الحراك في الجزائر تؤثر دون شك في الأوضاع الداخلية الفرنسية خصوصا الأمنية.