متابعون: الجزائر بلد بحجم قارة تغيب فيه مجلة تروج لثقافته وصورته لا يزال قطاع واسع من المثقفين الجزائريين والطلبة والباحثون وحتى من عامة الناس، يجتهدون في الحصول على آخر الأعداد من مجلات عربية شكلت طيلة عقود، محور اهتمام شريحة لا بأس بها ممن حافظت على تقليد القراءة في عصر المعلومة والثقافة الالكترونية". ومنذ أواسط القرن الماضي، استطاعت المجلات الثقافية استقطاب الفئات المثقفة من المجتمعات العربية، من خلال تقديم محتوى معرفي يغطي اهتماماتهم الفكرية، ويقدم للقراء دراسات ومقالات يخطّها كتّاب ومفكرين عرب. ورغم إحجام الكثيرين عن القراءة والاطلاع على النتاج الثقافي، فإن بعض المجالات الثقافية نجحت في الحفاظ على ألقها وشعبيتها بين الجمهور من بينها "البوابة التاسعة"، وهي مجلة ثقافية تصدر من بيروت، لتواكبَ العمران بمضمون معرفي يتناول أفكار العيش المدني وآدابه وفنونه وتاريخه وتوجهاته المستقبليّة، كما تلقي الضوء على السجال الثقافي في لبنان. وتصدر "البوابة التاسعة" باللغتين العربية والإنجليزية، حيث تتضمن باقةً من الدراسات الفكرية والأبحاث والمقالات. أما "يتفكرون"؛ فهي مجلة فصلية فكرية ثقافية انطلقت في العام 2014 وتصدر عن مؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، وتُعنى بتنشيط البحث المعرفي الرصين في الحقول الثقافية والمعرفية عموما، والدينية خصوصا. وتبقى "مجلة "العربي" الكويتية الأشهر لدى القارئ الجزائري طيلة عقود، رغم وصولها متأخرة إلى الجزائر في كثير من الأحيان، وتراجع عدد نقاط بيعها بشكل لافت. وتأسست هذه المجلة العريقة في العام 1958، وهي شهرية ثقافية تصدرها وزارة الإعلام بالكويت. وتناولت المجلة منذ صدورها أبرز المستجدات العربية والعالمية في كل مناحي الحياة، وشارك ويشارك في كتابة مقالاتها أبرز الأدباء والشعراء والعلماء والمفكرين العرب مثل طه حسين، وعباس محمود العقاد، ونجيب محفوظ، ونزار قباني، وعبد الهادي التازي، وإحسان عباس، ويوسف إدريس، وصلاح عبد الصبور، وجابر عصفور، وفاروق شوشة وغيرهم. أما "المستقبل العربي"، فهي مجلة تصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية، ويساهم فيها نخبة من المفكرين والباحثين العرب من خلال مجموعة من الأوراق والنصوص البحثية والحوارية والتوثيقية. أما "عالم الكتاب"، فهي مجلة تعنى بالإنتاج الثقافي المصري، من خلال عرض الإصدارات الجديدة وموجز يومي عن الكتب، إلى جانب باب منفصل شامل للكتب المترجمة بدور النشر المصرية، وتوزع على نطاق ضيق جدا في الجزائر. وبالنسبة ل"دبي الثقافية"، فإنها تحظى باهتمام واسع من قبل المثقفين الجزائريين الذين يكتبون فيها على غرار واسيني الأعرج، وهي مجلة تصدر في الإمارات، رويترأس تحريرها الشاعر والكاتب والإعلامي الإماراتي سيف المري. وشكلت "دبي الثقافية" علامةً فارقةً في المشهد الثقافي بمحتواها المتميز، إضافةً إلى سلسلة كتابها الشهيرين، والتي تخصص لهم جائزة سنوية. وفي الجزائر، نادرا ما نسمع عن وجود مجلة ثقافية عدا مجلة "آمال" التي كانت تصدرها وزارة الثقافة في السبعينيات، لتتوقف تماما، وتعود بعد ذلك في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة للثقافة العربية" سنة 2007، وتختفي مرة أخرى. وعدا هذا، توجد مجلة تسمى "مدى"، وهي فكرية ثقافية فنية تصدر بصفة فصلية، تعنى بكل ما يهم الشّاب الجزائري المُثقّف من خلال التعريف بثقافات البلد وأشهر مفكريه وكتابه، لكنها لا تحظى بانتشار وقلة ممن يعرفونها. ويتساءل متابعون بين كل هذا، كيف لبلد مثل الجزائر بحجم قارة، لا يمتلك مجلة ثقافية محكمة توزع عربيا أو حتى محليا بشكل منتظم، للترويج لصورة وثقافة البلد.