لا تختلف أجواء الاحتفال بعيد الأضحى من ولاية إلى أخرى، فلا يخلوبيت من بيوتها من إعداد للولائم ومن مظاهر التكافل بين الأسر خاصة المعوزة منها، فعلى الرغم من ارتفاع أسعار الماشية التي ناطحت السحاب، إلا أن العادات والتقاليد تفرض منطقها على جيوب الجزائريين ولو لزم الأمر اقتراض بعض المال لتبديد الكآبة ورسم الابتسامة على محيا الأطفال. عادات وطقوس أغلبها غريبة تحاكي الخرافات والأعراف تجذرت في كل مناسبة عيد في أذهان الكثير من الأسر الجزائرية عبر التراب الوطني والتي لم تفلح التكنولوجيا في محوها. دم الأضحية للتنبؤ بالمستقبل عند التحضير لنحر الأضحية تقوم ربات البيوت بإحدى الولايات الغربية للوطن بملء إناء كبير بكمية من القمح والملح المسمى ب"الربح" فهما رمزان للرزق الوفير، فعند ذبح الأضحية تترك دماءها تتدفق في الإناء وتترك الى أن تتجمد حتى تصبح طبقة صلبة وهنا يقوم رب العائلة أو الجد بتصفح الحروف التي ترسم على الدماء لا يراها إلا من لديه الحكمة في رؤية المستقبل حسب ما أكدته الحاجة فاطمة في عقدها السبعين أن أباها كان يطالع المستقبل خاصة المتعلق بموسم الحصاد والدرس من خلال دماء الأضحية، وكان يرى كلمات مكتوبة بأحرف عربية يتنبأ من خلالها بمصير منتوج القمح والأحوال الجوية إن كانت البلاد سيصيبها الجفاف أم لا. وبعد الانتهاء من القراءة تقوم ربة البيت بتقطيع أحشاء الأضحية والإبقاء على القولون لملئه بالدم وتخاط وتجفف وتخزن بعد ذلك في مكان آمن لتستخدم لعلاج الأطفال من الزكام حيث يتم حرق القولون ليشم المريض رائحته فيشفى حسب معتقدات أهل المنطقة. فكا الأضحية لجلب الرزق تعودت الخالة رقية وبناتها الإسراع في طبخ رأس الأضحية وأطرافها "بوزلوف" صباحا وتقطعيها قبل أن تسبقها جاراتها في الحي حيث تقوم بفصل فكي الأضحية المطبوخين وتحوم بهما في إرجاء المنزل وباتجاه بيوت جارتها متمتمة بكلمات "أنا طيبتو وكليتو وأنتما يطيح أعليكم البخس" بمعنى النحس وتكشف رقية أن فكي الأضحية يتم رميهما من قبل رب العائلة لإبعاد التعب عن أهل المنزل وحتى يكون العام المقبل أكثر رزقا. عادة تقول رقية إنها اكتسبتها من أم زوجها التي أوصتها بالتقيد بتلك الطقوس لأنها حسبها إن لم تقم بتلك العادة فسيقطعهم التعب في المستقبل. ورغم علم بنات رقية اللواتي يعملن في مناصب مرموقة أن هذه العادات ما هي إلا خرافات إلا أنهن يقمن بهذا العمل تبعا لتوصيات الجدة دون نقاش. الرقبة للرجولة تعتبر رقبة الكبش من أهم الأعضاء التي تطبخ بعناية ليتناولها رب العائلة في كل عام فهي تعتبر رمزا من رموز الرجولة عند بعض العائلات فكثير منها التي لا تزال تشدد في تمسكها بخرافات ويطبقونها على رب العائلة منذ زمن ليكون أكثر حرصا على رجولته تجاه زوجته، باعتبارها حسب الكثيرين رمزا للفحولة، وحتى كلوة الكبش تعتبر هي أخرى رمزا للنضوج عند البعض فهي لا تأكل إلا إذا قدمت من طرف "الخال". وعن سبب هذا الاعتقاد تقول كريمة "يجب أن يقوم الخال بتقطيع الكلوة على كف يده لتأكلها الفتاة والمراد من هذه الطريقة هو أنها لو لم تأكلها من طرف خالها وتأكلها في مكان آخر فسوف تبتلى بخروج جسم غريب يشبه الكلوة في أي منطقة من جسدها لذلك تتحاشى الفتيات أكلها مخافة أن يتشوهن. بوزلوف فأل سيئ تتحاشى العديد من الفتيات بمدينة المدية تناول أطراف الأضحية "بوزلوف" خوفا من تغير حظهن في المستقبل حتى لا تمر أيام حياتهن سوداء خاصة عند المتزوجات حتى لا ينجبن أولادا معاقين، كما أن شواء "البوزلوف" في عيد الأضحى من المحظورات ايضا لدى الكثير من العائلات الجزائرية باعتباره رمزا للتعاسة الزوجية، والمقدمة من العازبات على فعل ذلك ستواجه الطلاق بمجرد ارتباطها. اللسان لشفاء الأبكم هي عادة غريبة، أكدت أمال من باب الواد بالجزائر العاصمة، أن عائلتها تحرص على ممارستها فعندما يولد طفل أبكم تقوم ربة العائلة في كل عملية نحر للأضاحي بجمع سبعة ألسنة من الأقارب ليتناولها الطفل الأبكم ظنا منهم أنها ستجعله يتكلم بطلاقة. في ولاية المسيلة يمنع الطفل من تناول لسان الأضحية لكي لا يصبح شخصا نماما في المستقبل. كما تمنع الفتاة العزباء من أكل اللسان لتتحكم في لسانها بعد الزواج وعدم الإكثار في الكلام مع زوجها وأهله مما قد يسبب لها مشاكل. وكثيرة هي القصص المرتبطة بلسان الكبش، فهناك عائلات تمنع العروس الجديدة من أكل اللسان بحجة أنها قد تلد أطفالا منافقين أو يحترفون في المستقبل الكذب. الكتف للمتزوجات والأذن ممنوعة على الأطفال العيد في ولاية المسيلة لا يخلو من ممارسة أغرب العادات والتقاليد التي تراها العائلات المسيلية موروثا لا يمكن الاستغناء عنه، فكلما حل العيد "الكبير" كما يطلق عليه أغلب الجزائريين لا يرضون أبدا قبل العيد أن تنام الأضحية خارج البيت حتى وإن كان البيت لا يتسع، مع وضع الحناء للأضحية والأطفال، والملاحظ أن الأمهات يضعن قليلا من الحناء على صدر الطفل الصغير فوق القلب مباشرة لكي يصبح قلبه كبيرا كعيد الأضحى. ومن بين الطقوس المتعارف عليها في تلك المنطقة أن العائلات تخصص الكتف لطبخه لبناتها المتزوجات وأخذ الفخذ الثاني للعروس لمن قام بخطبة فتاة قبل العيد كفأل خير لعلاقتها مع أهل زوجها المستقبلي، كما تقوم العائلات بمنع الأطفال من أكل بعض القطع من لحم الأضحية، فيمنع عليهم مثلا أكل أذن الكبش لكي لا يصبح في كبره شخصا يستمع وينقل أخبار الناس وغيرها من الأعضاء خوفا من تفكك الأسرة في المستقبل جراء ظهور سلوكيات غير مرغوبة في مجتمعنا. عادات وجدت تجذرا في أوساط العائلات الجزائرية على الرغم من رفض الجيل الجديد التعايش معها معتبرين إياها ضربا من الخيال وخرافات لا تتماشى مع الواقع المعيش.