يحتفظ المجتمع الجزائري بكثير من العادات التي ترافق احتفاله بعيد الأضحى المبارك ولكل منطقة ما يميزها عن غيرها من العادات والتقاليد، ففي المسيلة وما جاورها يتداخل الدين وواجب التصديق بعادات غريبة دأبت العائلات على تتبعها ورغم اعتراض الكثير من جيل اليوم إلا أنها مازالت تراوح مكانها وتقاوم رياح التجديد. مازالت الكثير من العادات المرافقة للأعياد راسخة في صميم المجتمع الجزائري لم تؤثر فيها رياح التجديد كزيارة الأهل والأقارب وتخصيص الفخذ لهم. حيث يحرص الجزائريون بحكم تشبعهم بتعاليم الدين الحنيف، على التصدّق وإشاعة أعمال الخير رغم أن الكثير من كبار السن يرون أن ما تبقى من العادات هو القليل مما توارثناه وأصبح الأمر يقتصر حاليا برأيهم على نحر الأضحية والالتقاء رفقة أفراد العائلة لتناول لحم الأضحية. ويؤكد الحاج صالح أنّ مظاهر الكرم العفوي التي كانت سائدة في الماضي مثل تقاسم لحم الأضحية ''بدأت تتلاشى''، ويتذكر حين كان عيد الأضحى، العيد الديني الوحيد الذي ''يتمكن فيه الفقراء من الحصول على لحم الكبش أو عجل جماعي يعرف محليا ب ''الوزيعة''، ما يسمح لعدد أوسع من الناس بتقاسم اللحم بفضل مبادرات خيرية من طرف أشخاص أثرياء. وفي مدينة المسيلة والولايات المجاورة لها يأخذ عيد الأضحى مكانته المتميزة الراسخة في عادات وتقاليد السكان المحليين، حيث يظل مناسبة لتوثيق الروابط الاجتماعية وفك النزاعات وإقامة الصلح بين المتخاصمين، ما جعل العيد يتحول لدى مختلف تشكيلات المجتمع المسيلي الجزائري بصفة عامة إلى تظاهرة استثنائية ينتظرها الكبير والصغير ما يضفي جوا احتفاليا تندمج فيه فرحة الرجال والأطفال والنساء. ولا يخلو العيد في هذه المنطقة من العادات والتقاليد التي ترافقه كلما حل بينهم فهم لا يرضون أبدا قبل العيد أن تنام الأضحية خارج البيت حتى وان كان البيت لا يسع، لها كما لا ينسى سكان المنطقة وضع الحناء للأضحية والأطفال، والملاحظ أن الأمهات يضعن قليلا من الحناء على صدر الطفل الصغير فوق القلب مباشرة لكي يصبح قلبه كبيرا كعيد الأضحى الذي يصطلح على تسميته العيد الكبير، أما صبيحة عيد الأضحى المبارك فتحرص جميع العائلات على تحضير ما يسمى هناك بكسرة الفطير أو المبرجة بالتمر ووضعها خارج البيت مع الحليب ليأكل منها الأطفال والجيران قبل التوجه إلى صلاة العيد وبعد العودة منها. أما الأضحية فلسكان المنطقة عادات مميزة منها الحرص على توزيع جزء من لحم العيد على الفقراء وتخصيص الفخذ الأيمن لطبخ الكسكي في اليوم الثاني للعيد، كما تخصص العائلات الكتف لطبخه لبناتها المتزوجات وأخذ الفخذ الثاني للعروس لمن قام بخطبة فتاة قبل العيد. وإن كانت هذه العادات منتشرة في كثير من المدن الجزائرية إلا أن العيد في ولاية المسيلة وداخل أسرها يتميز بكثير من الأمور التي توارثوها أبا عن جد رغم أنها تلقى اعتراض جيل اليوم وسخريته منها إلا أنها مازالت منتشرة بكثرة مثل منع الأطفال من أكل بعض القطع من لحم الأضحية، فيمنع عليهم مثلا الاقتراب وأكل أذن الكبش لكي لا يصبح في كبره شخصا يستمع وينقل أخبار الناس أو لسانه لكي لا يصبح شخصا نماما وغيرها من الأشياء الأخرى التي يرى فيها شباب اليوم ومنهم هشام أنها مجرد خطة من الكبار لكي يستمتعوا بأكل هذه القطع من اللحم بمفردهم، ولكن ورغم ذلك يقول هشام إننا لم نتمكن في صغرنا من الاقتراب منها بسبب خوفنا من الأهل. تقول أمينة ''تعودنا مثلا على طبخ رأس الأضحية وأطرافها ''بوزلوف'' مساء يوم العيد وتقطيعه قبل غروب شمس ذلك اليوم، لأن جدتي كانت توصينا دائما بفعل ذلك وتقول قطعوه قبل أن يقطعكم التعب في المستقبل ورغم علمي بأن كل ذلك لا يعدو أن يكو مجرد خرافات إلا أنني لا أنكر قيامي بهذا العمل تبعا لتوصيات جدتي. يعتبر الجزائريون العيد موعدا لتبديد الكآبة ورسم السعادة، وهم لا يتحرجون من الاحتفال به وإحياء طقوسه المحلية حتى لو اضطروا للتدين من اجل شراء الأضحية اعتبارا لغلاء المعيشة التي باتت صعبة للغاية. وتظهر الرغبة في الحرص على فرحة الأطفال، والتفاخر أيضا بين الجيران والأقرباء فحتى الذي لم يستطع شراء أضحية، يلجأ إلى شراء بضع كيلوغرامات من اللحم رغم تكلفتها الغالية، المهم لديهم هو معايشة أجواء العيد وإن كانت مكلفة، حتى وإن لزم الأمر اقتراض بعض المال لتمر المناسبة على خير.