أثارت تصريحات وزيرة البريد وتكنولوجيات الاتصال هدى فرعون، حول عدم حجب المواقع الإباحية بحجّة عدم المساس بحرية التعبير، جدلا واسعا وفي أوساط عدّة، فالبعض اعتبر أنّ الوزارة حاولت التهرب من الأمر ومعالجته بشكل راق، في حين رأت بعض الأطراف أنّ الوزيرة حقيقة كان لها نيّة في مبادرة حجب المواقع غير أنّ الأمر تغيّر وأصبح خارجا عن سيطرتها لتأثير بعض الأطراف التي تجني من الأمر أموالا طائلة، ليبقى أمر حجب هذه المواقع التي دمّرت عائلات عدّة في يد المشرع الجزائري وحده. وقد لاقت الوزيرة حين تصريحها بضرورة حجب المواقع الإباحية دعما واسعا من قبل شريحة كبيرة في المجتمع واعتبرها البعض خطوة شجاعة وارتجالية، غير أنّ الأمر سرعان ما تحوّل إلى سخط واستهجان لا حصر له، حين صرّحت الوزيرة أنّ الأمر خارج عن صلاحياتها. راجت أخبار عديدة عن خطة من وزارة البريد لحجب المواقع الإباحية وعن تشكيل لجنة من المختصين لإيقاف انتشار هذا النوع من المواقع المدمّرة بالجزائر، وذلك عن طريق قائمة سوداء لهذه المواقع، وذلك لأخلقة الأنترنت وحماية المستهلك من هذه المواقع خصوصا فئة الأطفال والمراهقين، غير أنّ الوزيرة انقلبت على عقبها وصرّحت بأنّ مصالحها الوزارية غير مخولة لحجب أو مراقبة المواقع الإباحية لانعدام القاعدة القانونية المتخصصة في المجال، الأمر الذي أثار الكثير من الشكوك وعلّقت بعض الجهات أنّ الوزيرة قد تعرّضت لضغط من جهات لها فائدة كبيرة من عدم حجب المواقع. عودة بتصريحات الوزيرة التي استندت في عدم قدرتها على حجب المواقع لمعارضة الإجراءات الرقابية حرية التعبير من جهة، ولعدم اعتبار مصلحته المخوّلة قانونيا في استصدار أمر كهذا، قد تكون الوزيرة في هذا الجانب على حق لأن الأمر حسب لوصيف السعيد مختص إداري وجنائي، فإن الأمر في حجب المواقع الإباحية بيد المشرّع الجزائري، أي بيد الحكومة والبرلمان، وحسب المختص فإن الأمر يحتاج إلى قوة وإرادة سياسية، ممثّلة في البرلمان الذي يمثّل إرادة الشعب، بالإضافة إلى وزارة العدل ووزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فالأولى تدرس الأمر من جانب العقوبات، والثانية تهتم بالشق التقني في تفعيل حجب المواقع. ورأى المختص أن الأمر غير صعب البتّة ويمكن أن يحدث في زمن جدّ قصير إن توفّرت الإرادة السياسية، يتم من خلالها حجب المواقع، غير أنّه أشار إلى أنّ الأمر مرتبط كذلك بالجانب الاقتصادي، لأنّ هناك أطراف كثيرة حسب المتحدّث، تجني أموالا طائلة من هذه المواقع التي في بعضها يستفيد من اشتراكات تدرّ مالا كثيرا، لذلك الأمر يمكن أن يشكّل فارقا في العملية. جلول حجيمي: شبابنا يرون المواقع الإباحية في جماعات فهل هذه هي حرية التعبير؟ من الجانب الديني، فإنّ الأمر يعدّ كارثي وهذه المواقع حسب جلول حجيمي أمين عام نقابة الأئمة، هو مدمّر وأثر سلبا على عديد الأسر الجزائرية، قائلا هناك "أسر تفكّكت ومتزوّجون غرقوا في الرذيلة وأصبحت جماعات من البنات والذكور تشاهد هذه الأمور فكيف تكون حرّية تعبير"، معتبرا أنّ تصريحات الوزيرة أن حجب المواقع الإباحية تعتبر تعدي على حرية التعبير، لا يمكن اعتمادها نظرا إلى عدم تحديد مفهوم الحرية لغاية اليوم وتغّيره من مجتمع لآخر. وقال حجيمي إنّ تصريحات الوزيرة نأخذها على حسن نية، حيث نرى أنها قد حاولت أن تعالج الأمر بشكل راق ولكن نقول لها "نحن نعيش في مجتمع إسلامي محافظ وهذا الأمر قد يهدم الأسرة الجزائرية هدما"، ورأى حجيمي أن الأمر يدعو إلى تظافر جهود وإسراع في حجب هذه المواقع التي تؤدي إلى الجريمة الجنسية والتعدي على الأطفال واللواط ولا كلام حول تضييق الحريات فلكل بلد مفهومه للحريات ولكن المساس بالأخلاق العامة وأداب المجتمع أمر مرفوض". ورأى حجيمي أنّ الأمر بيد الحكومة بالدرجة الأولى في إيقاف هذه المواقع المدمّرة، غير أنّه يرى ضرورة تظافر الجهود من قبل المجتمع والمسجد والمدرسة للتوعية والتحسيس بمخاطر هذه الأمور ولا يجب تركها تحت مسمّيات حرية التعبير لأنّ قوانين الجمهورية واضحة وتعتبر أن كل شيء يسيء للأخلاق والأداب العامة يعاقب عليها القانون. جمعية حماية المستهلك: كلام الوزيرة غير عقلاني ويجب حجب المواقع الإباحية بسرعة ورأت جمعية حماية المستهلكين باعتبار الأنترنت مادة استهلاكية من قبل شريحة عريضة من المجتمع، أنّ كلام الوزيرة غير عقلاني وليس له سبب مقنع، وقال مصطفى زبدي إنّ أي مشروع حكومة كما قالت الوزيرة، ستكون هي المسؤولة المباشرة عن بدايته طبعا، داعيا إلى البدء في دراسة وعمل لجان لإيجاد كيف تمنع الدخول إلى المواقع الإباحية لحماية الأطفال والمجتمع. ورأى زبدي أنّه يوجد الكثير من الأمور التي يمكن للوزارة وكذا متعاملي الهاتف النقال عمله في هذا المجال، كالترويج لبعض التطبيقات الأساسية التي يمكن للعائلات استخدامها تقوم من خلالها بحماية الأطفال من المواقع الإباحية، خصوصا بعد تصريحه أنّ العديد من الشكاوى وطلبات التدخل لإيقاف المواقع الإباحية بعد أن سجّلوا أضرارا على مستوى العائلة. وكان لقاء قد جمع الجمعية مع وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال وكذا قطاعات أخرى لدعم التشريعات الموجودة ولتعديل قانون تكنولوجيات الإعلام والاتصال 03/2000، غير أنّ زبدي قال إنّه ولغاية الساعة لم يظهر أي تجاوب من قبل الأطراف المعنية، مما أدى إلى انسحاب جمعية حماية المستهلك من الأمر برمّته.