انتقلت رحى الحرب من الشرق الأوسط إلى قلب أوروبا.. العاصمة الفرنسية باريس.. وبصرف النظر عن الجهة التي تقف وراء التفجيرات غير المسبوقة والأكثر دموية، فإن حوادث إطلاق النار والتفجير التي تذكرنا بحادثة الهجوم على مقر مجلة شارلي إيبدو في السابع من جانفي 2015، وقعت بشكل مفاجئ لدرجة أن تطور الأحداث والارتفاع المفاجئ لتعداد القتلى جعل الأمريكيين يؤكدون أن الهجمات تأتي بشكل منسق، ما يشير بأصابع الاتهام إلى تنظيمات أكثر تدريبا وحنكة وتجربة في تنفيذ مثل هذه الهجمات، وحتى إن كان من المبكر الإشارة إلى تنظيمات متشددة كتنظيم الدولة مثلا بوقوفه وراء هذه التفجيرات بالنظر إلى التطورات الحاصلة على الحدود السورية العراقية بعد سقوط بلدة سنجار في العراق بيد البشمركة التي تؤشر على قطع طريق التواصل لداعش بين العراقوسوريا، فإن سقوط الطائرة الروسية في سيناء كان يمهد لعمليات تقودها داعش لتغيير وجهة وأرض المعركة من سورياوالعراق إلى قلب أوروبا وربما أمريكا أيضا. ومهما كانت هوية الجهة التي تقف وراء العملية، فإن فرنسا تعيش أزمة أخطر من التفجيرات نفسها، تتعلق بالاختراق الأمني الذي أصبح يضرب المنظومة الأمنية في فرنسا من حين لآخر، وهذا ما يطرح الكثير من التساؤلات حول القدرات الفرنسية في مجال الأمن والحماية. تطورات التفجيرات والحصيلة المرتفعة من لحظة لأخرى تؤكد أن هذه الهجمات هي الأعنف من نوعها في فرنسا فتاريخ الهجمات التي وقعت في باريس لم يحمل كل هذا العدد المسجل في الساعة الأخيرة من الجمعة 13 التي تعتبر رقما مشؤوما لدى الغربيين!! ولا شك أن الجزائريين مثلا يتذكرون الكلام الساخر الذي تلفظ به الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عندما تحدث إلى التونسيين في زيارة له قبل أشهر قائلا إنه من سوء حظهم أنهم جيران للجزائر في إشارة إلى الوضع الأمني، لكن الفرنسيين سيتذكرون لا محالة أن سخرية ساركوزي كانت سلوكا سيئا للغاية.