أكد أمس خبراء وضباط في أجهزة الاستعلامات أن الحل الأمني والعسكري وحده غير كاف لمواجهة التصعيد الإرهابي في دول الساحل ومنها الجزائر. ورافع مختصون، خلال دورة تكوينية حول "تحليل الاستعلام العملياتي" أشرف عليها خبراء من الشرطة الألمانية واحتضنها المركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب بالجزائر العاصمة، لتوحيد استراتيجة دول المنطقة في المجال الأمني والقضائي وتفعيل تبادل المعلومات وحسن استغلالها محليا وإقليميا. وقال رئيس وحدة قاعدة البيانات والتوثيق بالمركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب، عامر دحماني، في كلمة له خلال افتتاح الدورة التكوينية، إن هذه الدورة الخامسة تمثل بالنسبة لمفوضية الاتحاد الإفريقي والحكومة الألمانية "فرصة جديدة هامة في إطار مجهوداتهما المشتركة من أجل تقوية قدرات الدول الإفريقية في محاربة الإرهاب". وتستهدف هذه الدورة التكوينية في الأساس، دول مسار نواكشوط، الذي أطلقه الاتحاد الإفريقي بهدف تعزيز تبادل المعلومات والأمن على الحدود وتعزيز قدرات مصالح الأمن والمخابرات في منطقة الساحل وتدعيم التعاون الإقليمي عبر تفعيل الهندسة الإفريقية للسلم والأمن الخاصة بمنطقة الساحل. وذكر دحماني أن الإرهاب والجريمة المنظمة لا يزالا يشكلان تهديدا على السلم والأمن في القارة السمراء، خاصة في المنطقة الساحلية- الصحراوية، مشددا على أهمية "تثمين الجهود التي رصدها مسار نواكشوط". وقال إن "الأحداث التي تعرفها دول الساحل حاليا، مثل تسلل العناصر الإرهابية في الأوساط المدنية، خاصة في المناطق الحدودية تؤكد على أهمية تسريع وتعميق وتوسيع أنظمة جمع المعلومات والاستعلام". وأضاف أن هذه الأنظمة "يجب أن تسهل اتخاذ القرار في الوقت المناسب من أجل فعالية أكبر في مجال محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة". ولدى تطرقه إلى تشخيص أسباب تحول منطقة الساحل إلى منطقة تصعيد إرهابي، أثار العديد من العوامل، منها اتساع مساحة المنطقة، لاسيما الصحراوية منها، بالإضافة إلى اعتماد بعض مناطقها للنظام القبلي، ومن ثم وجود نزاعات داخلية، وهو سبب استراتيجي تتغذى منه شبكات الإرهاب بالمنطقة التي أرادت تحويلها إلى وضع شبيه بالوضع في العراق وسوريا، ومن ثم محاولة التنظيمات الارهابية أن يجعل من المنطقة موردا هاما لعناصرها، لاسيما من فئة الشباب. أما بشأن التدخل الأجنبي المسلح في البلدان المتضررة من الإرهاب، فقد أكد الخبير أنه لا يخدم سوى المنظمات الإرهابية ذاتها، ويقول إن التجربة سواء في الصومال أو لبنان أو العراق أو أفغانستان أو ليبيا، أثبتت أن التدخل الأجنبي فيها لم يفلح سوى في إعطاء الشرعية للجماعات الإرهابية التي تتحول إلى حركات تحررية ومقاومة وطنية ينظم إليها بسهولة المئات من المواطنين بدافع استرجاع الحرية وحماية الوطن، وهو الأمر الذي يقويها ويوسع مجال نشر إيديولوجياتها وسياساتها. من جهته، قال سفير ألمانيابالجزائر، السيد لانجنتال غوتز، إن هذه الدورة تهدف إلى تدعيم الكفاءات فيما يتعلق بمحاربة الشبكات الإرهابية وأن تنظيم مثل هذه اللقاءات يؤكد دعم ألمانيا للمركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب، في إطار التعاون بين الشرطة الألمانية والمركز الذي انطلق نشاطه سنة 2006. وشارك في هذه الندوة قرابة ثلاثين ضابطا، من 11 دولة تتمثل في الجزائر، الكامرون، كوت ديفوار، كينيا، مالي، موريتانيا، النيجر، الصومال، تونس، والمركز المشترك لتبادل الاستعلامات لدول المؤتمر الدولي لمنطقة الساحل الإفريقي.