كريم بلقاسم وعبَّان وبن خدة وسعد دحلب ارتكبوا "الخطأ الأكبر" بخروجهم من الجزائر الثورة كان يجب أن تسيّر من الجزائر وليس من الخارج تفاصيل مؤامرة "لابلويت" .. وكيف أعدم عميروش المئات بتهمة "الخيانة العظمى" قصة قائد عسكري كان مع الثورة فانقلب عليها وكوّن جيشا مواليا لفرنسا الاستعمار قاد حربا نفسية في 1958 لإفشال المجاهدين الطيران الحربي الفرنسي كان يرمي علينا مناشير تسيء للقادة المتواجدين في الخارج ثورة نوفمبر بدأت من العدم .. وبن مهيدي لم يكن يملك سوى قطعة سلاح واحدة في الحلقة الثانية من برنامج "صنعوا الحدث"، الذي يعده و يقدمه على قناة البلاد، الإعلامي أنس جمعة، يواصل العقيد يوسف الخطيب ''سي حسان''، آخر قائد للولاية الرابعة التاريخية، سرد شهادته التاريخية والتي يقف من خلالها عند أهم المحطات التي عبرتها ثورة التحرير الوطني. ووقف العقيد يوسف الخطيب في هذه الحلقة بشكل مطول على محطة مؤتمر الصومام وما لها من أهمية و دور كبير في إنجاح ثورة التحرير، وهي المحطة التي اعتبرها ضيف "صنعوا الحدث" بمثابة الانطلاقة الفعلية والحقيقية لثورة نوفمبر، حيث استطاعت تنظيم صفوف الثورة بشكل أكبر وإعطاء دفعة قوية لها. كما تطرق العقيد "سي حسان"، إلى أهمية الدور الذي أدّاه عبان رمضان الذي اعتبره يوسف الخطيب بالمساهم الفعال في توحيد صفوف الشعب الجزائري وتوسيع وتعميق اللحمة بينه وبين ثورته المجيدة. كما تطرق العقيد يوسف الخطيب إلى قضية مشكل التسليح والنقص الحاد في السلاح الذي كان تعاني منه الثورة، واعتبر "سي حسان" أنّ ثورة نوفمبر بدأت في الأول من العدم، حيث كانت هنالك 300 قطعة سلاح فقط تم توزيعها على بعض المناطق التاريخية، مشيراً إلى أنّ الشهيد العربي بن مهيدي لم يكن يمتلك سوى قطعة سلاح واحدة. وأكد "سي حسان" أنّ الولاية الرابعة أخذت في سنة 1957، على عاتقها مبادرة تكوين كتائب للقيام بجلب السلاح من الحدود المغربية والتونسية، لكنّ "السلاح الذي حصلنا عليه صار بعد مدة غير صالح للاستعمال بسبب عدم وجود الذخيرة المناسبة له.". مضيفا أن الولاية الرابعة منذ نشأتها اعتمدت في تسليحها على الغنائم التي كانت تحصل عليها عن العدو الفرنسي، لأن الأسلحة التي كانت تصلها عن طريق المغرب أو تونس لم تكن صالحة إما لقدمها أو لقلة الذخيرة الخاصة بها. ونفى سي حسان أن تكون قد حدثت هناك خلافات بين الولايات، واستدل على أن الولاية الرابعة كانت تبعث بإعانات لبقية الولايات، وانتقد من أسماهم بمجموعة الخارج، لأنهم لم يحضروا مؤتمر الصومام رغم الدعوة التي وجهت لهم، معتبرا أن لا عذر لهم وأنه كان بإمكانهم الدخول للجزائر وحضور المؤتمر، مثلما فعل العربي بن مهيدي. كما أكد العقيد يوسف الخطيب أن كريم بلقاسم وعبان رمضان وبن يوسف بن خدة وسعد دحلب، أخطأوا بشدة لما قرروا السفر إلى تونس والمغرب وترك الثورة وراءهم، وذلك بعد فشل إضراب الثمانية أيام الذي تم شنه في الجزائر العاصمة فيما يعرف بمعركة الجزائر. وأكد أن المسؤولين العسكريين وقادة الولايات عارضوا قرار هؤلاء بالسفر إلى الخارج، مشيرا إلى أنّ العقيد سي محمد بوڤرة، قائد الولاية الرابعة التاريخية آنذاك، طالب كريم وعبان وبن خدة ودحلب بالرجوع إلى أرض الوطن وتسيير الثورة من الجزائر وليس من الخارج. كما تطرق إلى تفاصيل المشاريع والمخططات والمناورات التي باشرها الاستعمار الفرنسي من أجل القضاء على الثورة، فبدأ في تأسيس وتشكيل حركات عسكرية مناوئة للثورة، من بينها جيش الجيلالي بلحاج الذي سمّاه الاستعمار الفرنسي باسم "كوبيس"، وهو الاسم الذي اشتهر به آنذاك، حيث كوّن الأخير جيشا وحارب جيش التحرير الوطني لمدة فاقت العام، في معارك كبيرة. وأكد العقيد يوسف الخطيب أن الجيلالي بلحاج، غرّر بكثير من المواطنين و أوهمهم أن ما يفعله هو "جهاد" من أجل استقلال الجزائر، لكن العديد من جنوده تفطنوا لهاته "الخديعة" و قرروا "التوبة" و العودة لصفوف جيش التحرير الوطني. وعن كيفية التحاق هؤلاء بجيش التحرير، قال العقيد يوسف الخطيب، إن العقيد سي محمد بوقرة اشترط على هؤلاء إحضار رأس الجيلالي بلحاج كعربون مقابل قبولهم في صفوف الجيش. وقد فعلوا ذلك و تمكنوا من قتله وإحضار رأسه. كما تطرق العقيد يوسف الخطيب لما أسماه "الحرب النفسية" وهي الحرب التي باشرتها قوات الاستعمار الفرنسي في بداية العام 1958، حيث عملت على تحبيط عزائم المجاهدين وذلك من خلال رمي مناشير عبر الطيران الحربي فوق الجبال مكتوب عليها أمور مسيئة لرموز الثورة وقادتها، خصوصا أولئك المتواجدين في الخارج ومن بين تلك المناشير "نجد مثلا مناشير تقول للمجاهدين في الجبال أنظروا كيف يعيش قادتكم في عواصم العالم في الخارج في رفاهية تامة و أنتم هنا تعانون ما تعانون من مصاعب وآلام". كما تطرق العقيد يوسف الخطيب إلى تفاصيل مؤامرة "لابلويت"، حيث أكد أنّها حيلة لجأت إليها المخابرات الفرنسية من أجل اختراق الثورة بعدما اشتد ساعدها وعجز الجيش الاستعماري على القضاء عليها. وأشار إلى أن الشهيد عميروش هو من اكتشف هذه الخيانة داخل الثورة، وقادته تحقيقاته على مستوى الولاية الثالثة إلى ما صار يعرف فيما بعد ب "لابلويت". وتابع العقيد يوسف الخطيب قائلا إن العقيد عميروش قام في اجتماع العقداء في مارس 1958 بإطلاع قادة الولايات الأخرى بفحوى وتفاصيل هذه المؤامرة كما فعل ذلك أيضا مع الشهيد محمد بوڤرة الذي كان آنذاك هو قائد الولاية الرابعة، والذي بدوره قام بمباشرة تحقيق على مستوى الولاية الرابعة مكنت في الأخير من كشف خيوط المؤامرة، بحيث اندس بعض العملاء في الثورة من خلال صعودهم إلى الجبل بعد إضراب السبعة أيام، بعدما أوهموا قادة الولاية الرابعة بأنهم متابعون من طرف الجيش الاستعماري. وردا على سؤال حول عدد هؤلاء الذين تم اكتشافهم، قال العقيد يوسف الخطيب إن عددهم كان حوالي 400 عنصر، وتمت محاكمتهم من طرف الثورة وتم إعدامهم. كما تطرق العقيد يوسف الخطيب إلى الوضع الميداني للثورة سنوات 57 و 58، مؤكدا أنّ اجتماعات قادة الثورة في الخارج كانت دائما تختم بالتأكيد على "ضرورة دعم الثورة بالسلاح و العتاد، لكن نحن لم نر أي شيء جديد في الأرض طيلة هاته السنوات". وتابع قائلا "كان هنالك أمل بتكوين الحكومة المؤقتة.. ربما يكون هنالك جديد في مجال دعم الثورة ميدانيا، لكن للأسف لم يكن هنالك أي شيء فجماعة الخارج تخلوا عن الثورة"، وهو ما دفع بقادة الولايات -يضيف سي حسان- إلى "عقد اجتماع العقداء" من أجل إنقاذ الثورة من الاختناق والعزلة التي كانت فيها. وتابع العقيد يوسف الخطيب قائلا إن الاجتماع خرج بقرارات مهمة أبرزها استحداث تنسيق محكم بين الولايات في الداخل. وعن سبب غياب علي كافي عن اجتماع العقداء بميلة رغم كونه ابن هذه المنطقة و قائد الولاية التي عقد فيها الاجتماع، قال يوسف الخطيب إنه لا يعرف السبب بالضبط ولكنه يعتقد أن علي كافي تخوف من إمكانية أن يكون الاجتماع جاء لمناهضة الحكومة المؤقتة، وهو (يقصد علي كافي) معروف أن علاقاته وطيدة آنذاك مع بن طوبال وفي تواصل معه ومع قيادات الحكومة المؤقتة.