المبادرة أطلقت لتشجيع الجزائريين ليكونوا سفراء بلدهم في عاداتها وتقاليدها شبابنا اليوم يدفع ثمن تأثير ثقافة المستعمر.. وما ينقصنا هو التسويق اللَّهجَة والهوِيَّة الجزائرية، أو الطريقة التي يُعشق بها هذا الإرث العريق، بعَراقة تاريخٍ وشعب يملكُ الكثير.. هو حديث يطُول التفصيلُ به مع "سفيرة النبض والرُوح الجزائرية" أينماَ تواجدت بأرصفة غُربتها . ومُبادرة "أهدر جزايري".. بصمةٌ أخرى، صاخبة الحُضور ببُعدها الثقافي الوطني، تميّزت بها الإعلامية الجزائرية المُغتربة سليمة زعرُوري، بعدما كانت لها أخرى عبر مُشاركتها في أكبر كتاب في العالم للرسُول عليه الصلاة والسلام، كُرمت من خلاله من قِبل نائب حاكم دبي " حمدان بن راشد آل مكتوم. وأهدت تكريمها للجزائر.. الوطنُ الذي لم تفارقهُ رُوحاً وإن ابتعدت عنهُ، مازال وسيظلُ يسكُنُ الكثير من جوانب حياتها، ويمسُ تفاصيلها. وتعد "سليمة" الجزائرية الوحيدة التي أحاطت باللهجة الجزائرية المحلية باعتبارِها مُستوًى مُغايرًا من مستوياتِ اللّغة، وليس باعتبارِها انحرافا عن المقياسِ الطبيعي الذي هو اللغة، وبوصفِها جُزءًا من هُوِيَّة الجماعة الناطقةِ بها، وليس مُنفصلاً عنها. ولامست سليمة جانباً جوهرياً من جوانبِ الوُجودِ الثقافي، حيث تَنبَثِق من عُمقِ المُجتمعِ، وتتوالُدُ عبر ما يُسمَع عبرَ التبادُلِ الاجتماعي بشِقَّيه، الفهم والتحدُّث، تجعلُك تَنسَجِم مع المشاعرِ والأعرافِ. وفي هذا الحوار مع "البلاد" تتحدث عن مبادرتها وأسباب إطلاقها والصدى الذي لاقته. هل تعتبرون صعوبة فهم المشارقة للجزائريين بمنطقة الخليج والشرق الأوسط هُو نتاج لانعدام التواصل بينهم مع ضعف التسويق لكل ماهو جزائري؟ العاملان متداخلان في اعتقادي.. فعلاً فلهجتنا الجزائرية ليست صعبة في ذاتها وسآتي إلى شرح ذلك من الناحية اللّسانية فيما بعد لكن على المُتلقي أن يجتهد لكي يعوِّد أذنه. ألا تلاحظين أن عشرات الآلاف من الصينيين الذين جاؤوا إلى العمل في الجزائر استطاعوا في ظرف قصير تعلمها والتحدث، فكيف لعربي أن لا يتقن أو يفهم اللّهجة الجزائرية وهي كغيرها من اللهجات الأخرى، سليلة اللغة العربية الفُصحى نفسها، فمثلا كلمة :يهدر تعني "يتكلم" و"المهذار" هو كثير الكلام، وبركا تعني "توقف"، أي لقد حصلت البركة ولا داعي للإضافة. أما بزاف "كثير"، فهي من أصل كلمة زأف كمثال قولنا "أزأف فلان بطنه، ومعناها أثقله فلم يقدر أن يتحرك". كل مافي الأمر أن اللهجة الجزائرية طرأت عليها عدة تغييرات أهمها: تواجد الأمازيغية كلغة أصلية في المنطقة، وقدوم عرب الفتح ثم الهلاليون، بنو سليم وعرب المعقل بعد سقوط الدولة الفاطمية، إضافة إلى النازحين من الأندلس والتواجد الإسباني علي شواطئ الجزائر، ففي فترة الحكم العثماني ثم الاحتلال الفرنسي، كل هذا جعل اللهجة الجزائرية تتغير على حسب الحاجة والبيئة. ثانيا، أرى أننا نحنُ كجزائريين بكل أمانة، تواجدنا محتشم جدا فيما يتعلق بمد الجسور الثقافية والاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، الأمر الذي من شأنه أن يعزز بشكل كبير جدا في التسويق لكل ماهو جزائري على جميع الأصعدة، هناك جهود لا يمكن نكرانها لكنها قليلة جدا، هناك الكثير من الفعاليات العالمية غابت هنا الجزائر وهذا أمر محزن جدا، لأن لدينا كل المؤهلات والكفاءات وكم هائل من موروث ثقافي وحضاري يمكننا التعريف به والتسويق له. أين تكمن الصعوبة التي يتحدث عنها المشارقة إذن؟ حسب وجهة نظري الشخصية؛ الصعوبة ليست في اللهجة ولكن عدم التعريف بها والتسويق لها يصور للآخر أنها صعبة، دون أن ننسى أيضا أن فهم اللهجة الجزائرية يكمن في عدم تواصل الجزائريين الذين ينتقلون إلى دول عربية بلهجتهم الأم، واضطرارهم للحديث بلهجة مشرقية، وهو ما يحد من فرصة التعود على لهجتنا من طرف الإخوة و الأخوات من عرب المشرق. برأيك ماهُو سبب استحداث مُصطلحاتٍ جديدة على اللّهجة الجزائرية مُؤخرا، والتي بدأ يغزُو استعمالها الشباب والمراهقين ما أفقدها عذوبتها.. هل نستطيع القول بأن لكل جيل لهجته الخاصة به؟ طيلة قرن وثلاثين سنة من الاحتلال الفرنسي للجزائر، حاول المستعمر خلالها بكل السبل طمس الهوية الجزائرية بممارسة عملية المسخ الثقافي واللغوي على الشعب الجزائري، ورغم ذلك نشأ جيل يعتز بلغته وهويته ومقومات شخصيته، إلا أن شبابنا اليوم يدفع ثمن تأثير ثقافة المستعمر، ولكن بكل أمانة المشكلة لا تكمن في مستعمر الأمس بل في الدولة الوطنية الجزائرية التي انخرطت في مشروع تحديثي منقوص وحداثة منقوصة، فصارت لهجتنا تترنح بين الفرنسية وبعض المُصطلحات الدخيلة التي لا تمت لنا بصلة خاصة أمام تراجع دور الأسرة والمدرسة ومؤسسات أخرى كالمسجد والزاوية القرآنية والمؤسسات الثقافية عن الدور المنوط بها في مجتمعنا وهو الأمر الذي سهر من مأمورية غزو عقول شبابنا عبر الانترنت خاصة. هل مازال يقلقُ الجزائريون من ابتعاد أبنائهم عن تداول لغة الأجداد "اللهجة المحلية أو الدارجة" التي تدعمينها بمبادرتك؟ مبادرة أهدر جزائري أطلقت لتشجيع الجزائريين خاصة المغتربين منهم، ليكونوا سفراء الجزائر في عاداتها وتقاليدها وأخلاقها، والتعريف بموروثها الثقافي الزاخر من ناحية، وتعزيز الهوية الجزائرية لدى الجالية في مختلف الدول العربية والغربية، والحث على تعلم لهجاتِ الآخرين دون طمس اللهجة الأم، والحفاظ على تداولها مع الأبناء في المهجر. والمبادرة لامست واقعا لمُغترب بشكل كبير من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وقد تم طرح هذا الموضوع بالذات لمعرفة مدى تمسك الجزائريين بلهجتهم الجزائرية و مدى وعيهم بأهمية الحفاظ على الهوية رغم الاحتكاك بمختلف الحضارات، صراحة هناك 3 مستويات؛ المستوى الأول: تأثر تأثير كلي بلهجة الدولة المقيم فيها أو في حالة الارتباط بغير الجزائري أو الجزائرية، وبالتالي فلتت اللهجة ويتعذر عليهم توريثها للأبناء. والمستوى الثاني: يحاول استدراك الأمر، وتنبه لأهمية تعزيز الهوية الجزائرية وغرسها في الأبناء، وباشر في تغيير أسلوب التعامل مع الأبناء وتهيئة محيط جزائري داخل البيت رغم اختلاف البيئة الخارجيةا. أما المستوى الثالث؛ وهو الغالب لم يتخل عن الهوية الجزائرية ويربي أولاده منذ الصغر على التحدث باللهجة المحلية في البيت والتفتح على لهجات أخرى ولغات أخرى. أما في داخل الجزائر فهناك أيضا تهاون في التمسك باللهجة الجزائرية أيضا ما جعلها عرضة لكثير من الانتهاك.. فشتان بين لهجة جداتنا "الزينة" ولهجة بعض شباب ومراهقي اليوم "الخالوطة". مبادرة" أهدر جزائري"، لاقت حتى الآن صدى واسعا لدى الأوساط المحلية وحتى المغتربين، هل هناك تفاعل يعكس ذلك بإحصائيات أجريتموها؟ للإشارة المبادرة أطلقت كرد فعل مواطنة جزائرية على نتائج الاستطلاع الذي قامت به مؤسسة "نت ورك دي زاد" حول أصعب اللهجات في العالم العربي، وقالت إن اللهجة الجزائرية تتصدر المرتبة الأولى بنسبة 58.33% بالنسبة لعدة أشخاص من جنسيات عربية مختلفة شاركوا في الاستطلاع، حاولت أن يكون ردا بالإنجاز وبطريقة حضارية تمكنني من رفع رصيد البصمة الجزائرية، وقد لاقت تفاعل واستحسان كبير وتشجيع سواء داخل الوطن أو خارجه المبادرة لازلت فتية وتحتاج الكثير من العمل عليها لإيصالها بالشكل الذي تستحق، حوالي 70% من المشتركين في الصفحة شجعوا المبادرة وتفاعلوا بشكل كبير معها . هل هناك بوادر استجابة لحملة "أهدر جزائري" على مُستوى نشاطاتٍ واقعية أو برامج معينة تُحضرون إليها؟ هناك عدة خطط ومشاريع تحتاج فقط من يتبناها، المبادرة ليست حكر على سليمة زعروري وإنما تظافر جهود الجميع كل بطريقته وبأسلوبه ..لكن حاولت بشكل أو بآخر تسليط الضوء على أهم المشاريع العالمية، التي يمكن أن تحقق قفزة نوعية في التعريف بما هو جزائري من خلال إعادة طرح فكرة إدراج الجزائر في القرية العالمية والتي تعتبر اكبر قبلة سياحية عالمية تحتضن مختلف دول العالم في دبي، ونتمنى أن تتحقق الوعود بإدراجها السنة المقبلة شعور محزن أن تجدي منتجات جزائرية عالية الجودة وبمواصفات عالمية مندسة مع منتجات مغربية أو تونسية . كما قمت بطرح فكرة التصدير للمنتوجات الجزائرية إلى دولة الإمارات والتي بدأت فعلا تلقى مبادرات فردية تستحق التشجيع.. وأطمح ليكون هناك جهة إعلامية تتبني فكرة "أهدر جزائري" يكون فقرة لا تتجاوز 30 دقيقة تعرف باللّهجة الجزائرية والمورُوث الجزائري ومُختلف قصص النجاح ببصمة جزائرية . لك أن تختمي اللقاء بما تشائين.. أود شكر مع الإشارة إلى أن هذه المبادرة لم تكن لتنجح أو ترى النور لولا وجود نُخبة من الجزائريين الذين آمنوا بالفكرة ودعموها بكل رقي أخص بالذكر الإعلامي الجزائري الصغير سلام الذي شدّ على يد هذه المبادرة وشجعها بقوة وكان له الدور الكبير في نشر المبادرة في الوسط الإعلامي، أيضا أشكر المبدع مصباح فزاع الذي كان له الدور الكبير جدا والجهد الأكبر في نقل المبادرة بشكل إبداعي رغم تحديات التصوير، دون أن أنسى هشام بن شريف الذي كان أول من ضخ فيّ أمل أن أنقل المبادرة بشكل جدّي على مواقع التواصل الاجتماعي، الأخ موسى مداغ الذي جعل للمبادرة حيزا في موقع الجالية بالإمارات، الأستاذ باديس لونيس الذي لم يتردد في نشر المبادرة على مدونة عن كثب، طبعا الأخوات الصحفيات أمال حاجي وحميدة بوعيشة والقائمة جدا طويلة أختصرها في شكر كل الجزائريين داخل الوطن وخارج على تفاعلهم وأفكارهم الراقية جدا في سبيل أن تنجح هذه المبادرة وترقى إلى أهدافها المنشودة .