في الوقت الذي ينتظر فيه التلاميذ عطلة الشتاء المقررة في ال 16 ديسمبر الجاري، يوجد المئات من الأطفال في الشوارع يسترزقون من خلال البحث عن فرصة عمل، مودعين بذلك مقاعد الدراسة مبكرا، وكل واحد وظروفه التي دفعته لذلك· ''الدراسة انتهت منذ زمان''، بهذه الجملة أجاب محمد وهو طفل لم يتجاوز سن العاشرة، يتضح من كلامه أنه ودّع مقاعد الدراسة مبكرا، لقد درس سنة واحدة ثم تخلى عنها، لأنه ضحية الطلاق بين الوالدين، فلم يجد سوى أن يتوجه للشغل وأن يشمر على ساعديه ليعمل في الأسواق في تجارة بيع المعدنوس والخبز والمطلوع أيضا· أول يوم العام الهجري حالة هذا الطفل هي حالة لكثيرين الذين لا يعرفون للمدارس مكانا، بل ينتهزون فرص المناسبات والمواسم ليشتغلوا أكثر وليحصّلوا المال· وبالرغم من البرد القارس الذي تعرفه الجزائر الأيام الأخيرة، إلا أن هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين العاشرة والخمس عشرة سنة تجدهم يشتغلون مثل الكبار في الأسواق حتى على أرصفة الشوارع في قلب الجزائر العاصمة· ففي السوق المشهور في بلكور بقلب العاصمة والذي يسمى بفمارشي ,''12 توزعت الطاولات والسلل الخاصة بالمواد الغذائية التي وضعها الأطفال يبيعون فيها كلشيء، من الخبز والكسرة التي تصنعها النساء في البيوت إلى المعدنوس والكرافس والحمص إلى أنواع الأجبان· في بلكور انتشر باعة خبز الطاجين أو كما يسمى ''المطلوع'' وكذا فالرشتةف على طول سوق الخضر والفواكه والأواني المنزلية خصوصا أن أمس كان أول محرم إذ يحتفل المسلمون بأول أيام السنة الهجرية، تجد السلع المعروضة رواجا كبيرا· حيث وقفت ''البلاد'' أمس عند الطفل سمير الذي لا يتعدى سنه 12 سنة وكلمناه عن الخبز الذي يبيعه فرد قائلا فتصنعه والدتي في البيت وتساعدها في ذلك أختي الكبرى فوالدتي بفضل خبز المطلوع تساعد الوالد على مصروف البيت· في انتظار المناسبات وأضاف المتحدث أنه ينتهز هذه المناسبات حيث تزدهر التجارة، ليبيع الخبز وحتى الحمص ومختلف أنواع الحشيش وأحيانا يبيع المحاجب· وبالرغم من جسده الصغير إلا أن عبد الوكيل يصوم شهر رمضان لأول مرة وللأسف يقف تحت الشمس الحارقة ليبيع كل ما تحتويه السلة من خبز ليعود إلى البيت ليرتاح ويضع كل ما يجنيه في يد والدته· وشدد محدثنا على أن لجوء أسرته إلى هذا العمل سواء الوالدة أو هو بالتحديد هو الحاجة الملحة للمال خصوصا مع غلاء المعيشة مضيفا أن هدفه أصبح يتمثل في البحث عن طرق الحصول على المال· ومن جهة أخرى، شدد المتحدث على أن الظروف القاهرة تدفعه دائما إلى العمل في جميع الأيام· على عكس سمير فإن يونس ذو ال 14 سنة فضل أن يبيع فالرشتةف التي تعدها والدته في البيت، قائلا إن هذا النوع من الأكلات تفضله العائلات الجزائرية كل يوم جمعة وفي المناسبات· وأضاف أنه أحيانا يوزعها على مختلف محلات بيع الدجاج إذ تجد إقبالا كبيرا خصوصا أن الكيلوغرام الواحد من فالرشتةف يقدر ثمنه ب90 دينارا، مشيرا إلى أن مثل مناسبة رأس السنة الهجرية، تعد فرصة ذهبية لتحصيل أموال معتبرة، خصوصا لتلك السواعد الصغيرة·