تحولت عودة وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل إلى ضريم نقاش إعلامي وسياسي، ألقى بظله على خطابات المعارضة والموالاة، لكن النقاش المحتدم عن العودة المفاجئة للوزير الأسبق، خلفه الظهور الثقيل لشكيب خليل من إحدى زوايا ولاية الجلفة، بكل ما يحمله هذا الحدث من دلالات ومعاني ورسائل سياسية يفهمها الرأي العام جيدا. لا يبدو أن الجزائر ستعيش قيظا سياسيا رغم موجة الجفاف بفعل شح المغياثية، فقد خرج شكيب خليل في ظرف قياسي عبر حدثين هامين، الأول من خلال عودته عبر مطار أحمد بن بلة من وهران، وهو نفس المكان الذي غادر منه إلى خارج البلاد عقب صدور مذكرة توقيف بحقه في نهاية مارس 2013، أما الحدث الثالث فظهوره في إحدى زوايا ولاية الجلفة يوم الجمعة الماضي وإدلائه بتصريحات صحافية، حاول من خلالها إعطاء صورة إعلامية وسياسية عن أبعاد وخلفيات عودته للجزائر.وبرأي الكثير من المتابعين للشأن الداخلي في بلادنا، فإن عودة الوزير شكيب خليل تروم إلى إعطاء نفس جديد لرجال الرئيس والموالاة الذي تقدمه على أساس أنه صاحب تجربة وكفاءة لخدمة الجزائر، وفي تصريحه الصحافي يوم الجمعة لم يخف خليل هذه المهمة فقد قال إنه عاد لخدمة الجزائر، تماما مثلما عاد إليها في 1 نوفمبر 1999 بناء على رغبة الرئيس بوتفليقة، ولا يبدو أن شكيب خليل يعود من أجل السياحة أو للبقاء في منزله، وهو الذي أوضح أنه ترك كافة أشغاله وارتباطاته في الولاياتالمتحدة من أجل أن يعود عام 1999، لوضع تجربته كمستشار في البنك الدولي وفي مؤسسات دولية مالية ونفطية ومصرفية لخدمة البلاد. وأوضح أن المسألة أكبر من مجرد إعادة الاعتبار لشكيب خليل، فرسائله السياسية على قلتها كانت قوية، وذات دلالات يمكن أن تضعه في أعلى الرهانات المستقبلية لتيار الموالاة، كما أن الدفاع المستميت لسعداني عن خليل يحمل هو الآخر دلالات قوية، تماما مثلما يؤكد الهجوم على أويحيى، أن قيادة حزب جبهة التحرير الذي يرأسه بوتفليقة شخصيا تكون قد وجدت من تنافس به خصومها في الاستحقاقات القادمة، وأن ظهوره من زاوية الجلفة بالون اختيار لجس نبض الشارع وتفاعلاته مع الظهور الرمزي لشكيب خليل، الذي خاطب الرأي العام بمصطلحات لم يسبق أن تداولها في خطاباته، فهو يتحدث لغة الأرقام والنفط والمال والسواق ولا علاقة له بالخطاب الشعبوي أو الوطني أو السياسي، لكنه هذه المرة ظهر في صورة رجل السياسة الذي يريد أن يغير من لسان الخطابة التكنوقراطية التي لا تصل لقلوب ولا تدغدغ مشاعر الناس، ولا أدل من ذلك رفضه تقليب المواجع والأحزان، عندما نفى نيته في إعادة فتح ملف الاتهامات التي طالته ومتابعة المتسببين في ذلك، موضحا أن أمرا كهذا يضر بسمعة الجزائر، وأنه يأمل في النظر إلى المستقبل أكثر من العودة إلى الماضي.